____________________
ما يطهر به قلوبهم لانهم ليسوا من أهلها لعلمه أنها لا تنفع فيهم ولا تنجع - إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله - كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم - للسحت: كل ما لا يحل كسبه، وهو من سحته إذا استأصله لأنه مسحوت البركة كما قال تعالى - بمحق الله الربا - والربا باب منه. وقرئ السحت بالتخفيف والتثقيل والسحت بفتح السين على لفظ المصدر من سحته، والسحت بفتحتين، والسحت بكسر السين، وكانوا يأخذون الرشا على الاحكام وكيل الحرام. وعن الحسن كان الحاكم في بني إسرائيل إذا أتاه أحدهم برشوة جعلها في كمه، فأراها إياه وتكلم بحاجته فيسمع منه ولا ينظر إلى خصمه فيأكل الرشوة ويسمع الكذب. وحكي أن عاملا قدم من عمله فجاءه قومه فقدم إليهم العراضة وجعل يحدثهم بما جرى له في عمله، فقال أعرابي من القوم: نحن كما قال الله تعالى - سماعون للكذب أكالون للسحت - وعن النبي صلى الله عليه وسلم (كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به). قيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخيرا إذا تحاكم إليه أهل الكتاب بين أن يحكم بينهم وبين أن لا يحكم. وعن عطاء والنخعي والشعبي أنهم إذا ارتفعوا إلى حكام المسلمين فإن شاءوا حكموا وإن شاءوا أعرضوا. وقيل هو منسوخ بقوله - وأن احكم بينهم بما أنزل الله - وعند أبي حنيفة رحمه الله: إن احتكموا إلينا حملوا على حكم الاسلام، وإن زنى منهم رجل بمسلمة أو سرق من مسلم شيئا أقيم عليه الحد. وأما أهل الحجاز فإنهم لا يرون إقامة الحدود عليهم، يذهبون إلى أنهم قد صولحوا على شركهم وهو أعظم من الحدود، ويقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين قبل نزول الجزية (فلن يضروك شيئا) لانهم كانوا لا يتحاكمون إليه إلا لطلب الأيسر والأهون عليهم كالجلد مكان الرجم، فإذا أعرض عنهم وأبى الحكومة لهم شق عليهم وتكرهوا إعراضه عنهم وكانوا خلقاء بأن يعاوده ويضاروه فأمن الله سربه (بالقسط) بالعدل والاحتياط كما حكم بالرجم (وكيف يحكمونك) تعجب من تحكيمهم لمن لا يؤمنون به وبكتابه مع أن الحكم منصوص في كتابهم الذي يدعون الايمان به (ثم يتولون من بعد ذلك) ثم يعرضون من بعد تحكيمك عن حكمك الموافق لما في كتابهم لا يرضون به، وما أولئك