الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٦٠٢
السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير. وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير. يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير.
____________________
المسيح وأمه أنهما من جنسهم لا تفاوت بينهما وبينهم في البشرية (يخلق ما يشاء) أي يخلق من ذكر وأنثى ويخلق من أنثى من غير ذكر كما خلق عيسى، ويخلق من غير ذكر وأنثى كما خلق آدم أو يخلق ما يشاء كخلق الطير على يد عيسى معجزة له وكإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك، فيجب أن ينسب إليه ولا ينسب إلى البشر المجرى على يده (أبناء الله) أشياع ابني الله عزير والمسيح كما قيل لاشياع أبي خبيب وهو عبد الله بن الزبير الخبيبون، وكما كان يقول رهط مسيلمة نحن أنبياء الله، ويقول أقرباء الملك وذووه وحشمه نحن الملوك، ولذلك قال مؤمن آل فرعون - لكم الملك اليوم - (فلم يعذبكم بذنوبكم) فإن صح أنكم أبناء الله وأحباؤه فلم تذنبون وتعذبون بذنوبكم فتمسخون وتمسكم النار أياما معدودات على زعمكم، ولو كنتم أبناء الله لكنتم من جنس الأب غير فاعلين للقبائح ولا مستوجبين للعقاب، ولو كنتم أحباؤه لما عصيتموه ولما عاقبكم (بل أنتم بشر) من جملة من خلق من البشر (يغفر لمن يشاء) وهم أهل الطاعة (ويعذب من يشاء) وهم العصاة (يبين لكم) إما أن يقدر المبين وهو الدين والشرائع، وحذفه لظهور ما ورد الرسول لتبيينه أو بقدر ما كنتم تخفون وحذفه لتقدم ذكره أو لا يقدر، ويكون المعنى: يبذل لكم البيان، ومحله النصب على الحال: أي مبينا لكم، و (على فترة) متعلق بجاءكم أي جاءكم على حين فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحي (أن تقولوا) كراهة أن تقولوا (فقد جاءكم) متعلق بمحذوف: أي لا تعتذروا فقد جاءكم. وقيل كان بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما خمسمائة وستون سنة، وقيل ستمائة وقيل أربعمائة ونيف وستون. وعن الكلبي كان بين موسى وعيسى ألف وسبعمائة سنة وألف نبي، وبين عيسى ومحمد
(٦٠٢)
مفاتيح البحث: أهل الكتاب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 597 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 ... » »»