الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٩١
أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد. يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا
____________________
وهي عقود الله التي عقدها على عباده وألزمها إياهم من مواجب التكليف، وقيل هي ما يعقدون بينهم من عقود الأمانات ويتحالفون عليه ويتماسحون من المبايعات ونحوها، والظاهر أنها عقود الله عليهم في دينه من تحليل حلاله وتحريم حرامه، وأنه كلام قدم مجملا ثم عقب بالتفصيل وهو قوله (أحلت لكم) وما بعده. البهيمة كل ذات أربع في البر والبحر وإضافتها إلى الانعام للبيان وهي الإضافة التي بمعنى من كخاتم فضة ومعناه البهيمة من الانعام (إلا ما يتلى عليكم) إلا محرم ما يتلى عليكم من القرآن من نحو قوله - حرمت عليكم الميتة - أو - إلا ما يتلى عليكم آية تحريمه. والانعام: الأزواج الثمانية، وقيل بهيمة الأنعام: الظباء وبقر الوحش ونحوها، كأنهم أرادوا ما يماثل الانعام ويدانيها من جنس البهائم في الاجترار وعدم الأنياب، فأضيفت إلى الانعام لملابسة الشبه (غير محلي الصيد) نصب على الحال من الضمير في لكم: أي أحلت لكم هذه الأشياء لا محلين الصيد. وعن الأخفش أن انتصابه عن قوله أوفوا بالعقود، وقوله (وأنتم حرم) حال عن محلي الصيد كأنه قيل أحللنا لكم بعض الانعام في حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون لئلا نحرج عليكم (إن الله يحكم ما يريد) من الاحكام ويعلم أنه حكمة ومصلحة. والحرم جمع حرام وهو المحرم. الشعائر جمع شعيرة وهي اسم ما أشعر: أي جعل شعارا وعلما للنسك من مواقف الحج ومرامي الجمار والمطاف والمسعى والافعال التي هي علامات الحاج يعرف بها من الاحرام والطواف والسعي والحلق والنحر. والشهر الحرام: شهر الحج. والهدي: ما أهدى إلى البيت وتقرب به إلى الله من النسائك وهو جمع هدية، كما يقال جدي في جمع جدية السرج. والقلائد: جمع قلادة، وهي ما قلد به الهدي من نعل أو عروة مزادة أو لحاء شجر أو غيره. وآمو المسجد الحرام قاصدوه وهم الحجاج والعمار. وإحلال هذه الأشياء أن يتهاون بحرمة الشعائر وأن يحال بينها وبين المتنسكين بها وأن يحدثوا في أشهر الحج ما يصدون به الناس عن الحج وأن يتعرض للهدي بالغصب أو بالمنع من بلوغ محله. وأما القلائد ففيها وجهان: أحدهما أن يراد بها ذوات القلائد من الهدي وهي البدن وتعطف على الهدي للاختصاص وزيادة التوصية بها لأنها أشرف الهدي كقوله - وجبريل وميكال - كأنه قيل والقلائد منها خصوصا. والثاني أن ينهى عن التعرض لقلائد الهدي مبالغة في يبدين زينتهن - فنهى عن إبداء الزينة مبالغة في النهي عن إبداء مواقعها (ولا النهي عن التعرض للهدي على معنى ولا تحلوا قلائدها فضلا أن تحلوها كما قال - ولا آمين) ولا تحلوا قوما قاصدين المسجد الحرام (يبتغون فضلا من ربهم) وهو الثواب (ورضوانا) وأن يرضى عنهم: أي لا تتعرضوا لقوم هذه صفتهم تعظيما لهم واستنكارا أن يتعرض لمثلهم، قيل هي محكمة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم (المائدة من آخر القرآن نزولا، فأحلوا حلالها
(٥٩١)
مفاتيح البحث: الصيد (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 584 585 588 589 590 591 592 593 594 595 596 ... » »»