الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٩٧
وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه
____________________
وبوجود الميسرة تزول العلة، ولو دخلت الميسرة فيه لكان منظرا في كلتا الحالتين معسرا وموسرا وكذلك - ثم أتموا الصيام إلى الليل - لو دخل الليل لوجب الوصال، ومما فيه دليل على الدخول قولك حفظت القرآن من أوله إلى آخره، لان الكلام مسوق لحفظ القرآن كله، ومنه قوله تعالى - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - لوقوع العلم بأنه لا يسرى به إلى بيت المقدس من غير أن يدخله وقوله (إلى المرافق - و- إلى الكعبين) لا دليل فيه على أحد الامرين، فأخذ كافة العلماء بالاحتياط فحكموا بدخولها في الغسل، وأخذ زفر وداود بالمتيقن فلم يدخلاها.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يدير الماء على مرفقيه) (وامسحوا برءوسكم) المراد إلصاق المسح بالرأس وماسح بعضه ومستوعبه بالمسح كلاهما ملصق للمسح برأسه، وقد أخذ مالك بالاحتياط فأوجب الاستيعاب أو أكثره على اختلاف الرواية، وأخذ الشافعي باليقين فأوجب أقل ما يقع عليه اسم المسح، وأخذ أبو حنيفة ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما روي أنه مسح على ناصيته وقدر الناصية بربع الرأس. قرأ جماعة وأرجلكم بالنصب فدل على أن الأرجل مغسولة. فإن قلت فما تصنع بقراءة الجر ودخولها في حكم المسح؟ قلت:
الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها، فكانت مظنة للاسراف المذموم المنهي عنه فعطفت على الرابع (1) الممسوح لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها، وقيل (إلى الكعبين) فجئ بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة، لان المسح لم يحضر ب له غاية في الشريعة. وعن علي رضي الله عنه أنه أشرف على فتية من قريش فرأى في وضوئهم تجوزا فقال (ويل للأعقاب من النار) فلما سمعوا

(1) (قوله: الرابع) كذا بالأصل وصوابه الثالث كما هو واضح اه‍.
(٥٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 ... » »»