الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٩٥
واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب. اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن
____________________
مكلبين بالتخفيف وأفعل وفعل تشتركان كثيرا. والامساك عن صاحبه أن لا يأكل منه لقوله عليه الصلاة والسلام لعدي بن حاتم (وإن أكل منه فلا يأكل إنما أمسك على نفسه) وعن علي رضي الله عنه (إذا أكل البازي فلا تأكل) وفرق العلماء فاشترطوا في سباع البهائم ترك الأكل لأنها تؤدب بالضرب ولم يشترطوه في سباع الطير، ومنهم من لم يعتبر ترك الأكل أصلا ولم يفرق بين إمساك الكل والبعض. وعن سلمان وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة رضي الله عنهم: إذا أكل الكلب ثلثيه وبقى ثلثه وذكرت اسم الله عليه فكل. فإن قلت: إلام رجع الضمير في قوله (واذكروا اسم الله عليه)؟ قلت: إما أن يرجع إلى ما أمسكن على معنى وسموا عليه إذا أدركتم ذكاته، أو إلى ما علمتم من الجوارح: أي سموا عليه عند إرساله (طعام الذين أوتوا الكتاب) قيل هو ذبائحهم، وقيل هو جميع مطاعمهم ويستوي في ذلك جميع النصارى. وعن علي رضي الله عنه أنه استثنى نصارى بني تغلب وقال: ليسوا على النصرانية ولم يأخذوا منها إلا شرب الخمر، وبه أخذ الشافعي. وعن ابن عباس أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال: لا بأس، وهو قول عامة التابعين، وبه أخذ أبو حنيفة وأصحابه. وحكم الصابئين حكم أهل الكتاب عند أبي حنيفة وقال صاحباه: هم صنفان: صنف يقرءون الزبور ويعبدون الملائكة، وصنف لا يقرءون كتابا ويعبدون النجوم، فهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب. وأما المجوس فقد سن بهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون اكل ذبائحهم ونكاح نسائهم. وقد روي عن ابن المسيب أنه قال: إذا كان المسلم مريضا فأمر المجوسي أن يذكر اسم الله ويذبح فلا بأس. وقال أبو ثور: وإن أمره بذلك في الصحة فلا بأس وقد أساء (وطعامكم حل لهم) فلا عليكم أن تطعموهم لأنه لو كان حراما عليهم طعام المؤمنين لما ساغ لهم إطعامهم (المحصنات) الحرائر أو العفائف وتخصيصهن بعث على تخير المؤمنين لنطفهم والإماء من المسلمات يصح نكاحهن بالاتفاق، وكذلك نكاح غير العفائف منهم، وأما الماء الكتابيات فعند أبي حنيفة هن كالمسلمات وخالفه الشافعي وكان ابن عمر لا يرى نكاح الكتابيات ويحتج بقوله - ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن - ويقول
(٥٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 ... » »»