الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٤٥
أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة، وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله، وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك. قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا. ما أصابك من حسنة
____________________
* يقول لا غائب مالي ولا حرم * وهو قول نحوي سيبويه، ويجوز أن يتصل بقوله (ولا تظلمون فتيلا): أي ولا تنقصون شيئا مما كتب من آجالكم، أينما تكونوا في ملاحم حروب أو غيرها، ثم ابتدأ قوله - يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة - والوقف على هذا الوجه على أينما تكونوا. والبروج: الحصون. مشيدة: مرفعة.
وقرئ مشيدة من شاد القصر إذا رفعه أو طلاه بالمشيد وهو الجص. وقرأ نعيم بن ميسرة مشيدة بكسر الياء وصفا لها بفعل فاعلها مجازا كما قالوا قصيدة شاعرة وإنما الشاعر قارضها. السيئة تقع على البلية والمعصية. والحسنة على النعمة والطاعة قال الله تعالى - وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون - وقال - إن الحسنات يذهبن السيئات - والمعنى: وإن تصبهم نعمة من خصب ورخاء نسبوها إلى الله وإن تصبهم بلية من قحط وشدة أضافوها إليك وقالوا هي من عندك وما كانت إلا بشؤمك، كما حكى الله عن قوم موسى - وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه - وعن قوم صالح - قالوا اطيرنا بك وبمن معك -. وروي عن اليهود لعنت أنها تشاءمت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: منذ دخل المدينة نقصت ثمارها وغلت أسعارها، فراد الله عليهم (قل كل من عند الله) يبسط الأرزاق ويقبضها على حسب المصالح (لا يكادون يفقهون حديثا) فيعلموا أن الله هو الباسط القابض وكل ذلك صادر عن حكمة وصواب ثم قال (ما أصابك) يا إنسان خطابا عاما (من حسنة) أي من نعمة وإحسان
(٥٤٥)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»