الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٤٢
يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما. وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا. الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله
____________________
ويصادقونهم في الظاهر، وإن كانوا يبغون لهم الغوائل في الباطن، والظاهر أنه تهكم لانهم كانوا أعدى عدو للمؤمنين وأشدهم حسدا لهم، فكيف يوصفون بالمودة إلا على وجه العكس تهكما بحالهم. وقرئ فأفوز بالرفع عطفا على كنت معهم لينتظم الكون معهم، والفوز معنى التمني فيكونا متمنيين جميعا، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف بمعنى فأنا أفوز في ذلك الوقت (يشرون) بمعنى يشترون ويبيعون قال ابن مفرغ:
وشريت بردا ليتني من بعد برد كنت هامه فالذين يشترون الحياة الدنيا بالآخرة هم المبطئون وعظوا بأن يغيروا ما بهم من النفاق ويخلصوا الايمان بالله ورسوله ويجاهدوا في سبيل الله حق الجهاد، والذين يبيعون هم المؤمنون الذين يستحبون الآجلة على العاجلة ويستبدلونها بها، والمعنى: إن صد الذين مرضت قلوبهم وضعفت نياتهم عن القتال فليقاتل الثابتون المخلصون، ووعد المقاتل في سبيل الله ظافرا أو مظفورا به إيتاء الاجر العظيم على اجتهاده في إعزاز دين الله (والمستضعفين) فيه وجهان أن يكون مجرورا عطفا على سبيل الله: أي في سبيل الله وفي خلاص المستضعفين ومنصوبا على الاختصاص: يعني
(٥٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 ... » »»