____________________
(فإذا أحصن) بالتزويج وقرئ. أحصن (نصف ما على المحصنات) أي الحرائر (من العذاب) من الحد كقوله - وليشهد عذابهما - ويدرأ عنها العذاب - ولا رجم عليهن لان الرجم لا يتنصف (ذلك) إشارة إلى نكاح الإماء (لمن خشي العنت منكم) لمن خاف الاثم الذي يؤدي إليه غلبة الشهوة، وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر، ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم. وقيل أريد به الحد لأنه إذا هويها خشى أن يواقعها فيحد فيتزوجها (وأن تصبروا) في محل الرفع على الابتداء: أي وصبركم عن نكاح الإماء متعففين (خير لكم). وعن النبي صلى الله عليه وسلم (الحرائر صلاح البيت، والإماء هلاك البيت) (يريد الله ليبين لكم) أصله يريد الله أن يبين لكم فزيدت اللام مؤكدة لإرادة التبيين كما زيدت في لا أبالك لتأكيد إضافة الأب. والمعنى: يريد الله أن يبين لكم ما هو خفي عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم، وأن يهديكم مناهج من كان قبلكم من الأنبياء والصالحين والطرق التي سلكوها في دينهم لتقتدوا بهم (ويتوب عليكم) ويرشدكم إلى طاعات إن قمتم بها كانت كفارات لسيئاتكم فيتوب عليكم ويكفر لكم (والله يريد أن يتوب عليكم) أن تفعلوا ما تستوجبون به أن يتوب عليكم (ويريد) الفجرة (الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما) وهو الميل عن القصد والحق، ولا ميل أعظم منه بمساعدتهم وموافقتهم على اتباع الشهوات، وقيل هم اليهود، وقيل المجوس كانوا يحلون نكاح الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت، فلما حرمهن الله قالوا فإنكم تحلون بنت الخالة والعمة والخالة، والعمة عليكم حرام فانكحوا بنات الأخ والأخت فنزلت، يقول تعالى: يريدون أن تكونوا زناة مثلهم (يريد الله أن يخفف عنكم) بإحلال نكاح الأمة وغيره من الرخص (وخلق الانسان ضعيفا) لا يصبر عن الشهوات وعلى مشاق الطاعات. وعن سعيد ابن المسيب: ما أيس الشيطان من بني آدم قط إلا أتاهم من قبل النساء، فقد أتى علي ثمانون سنة وذهبت إحدى عيني وأنا أعشو بالأخرى، وإن أخوف ما أخاف علي فتنة النساء. وقرئ أن يميلوا بالياء والضمير للذين يتبعون الشهوات. وقرأ ابن عباس وخلق الانسان على البناء للفاعل ونصب الانسان. وعنه رضي الله عنه: ثمان آيات في سورة النساء هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت - يريد الله ليبين لكم - والله يريد أن يتوب عليكم - يريد الله أن يخفف عنكم - إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه - إن الله لا يغفر أن يشرك به - إن الله لا يظلم مثقال ذرة - ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه - ما يفعل الله بعذابكم - (بالباطل) بما لم تبحه الشريعة من نحو السرقة والخيانة