الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥١٧
بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم
____________________
الربائب متصلات بأمهاتهن لأنهن بناتهن. هذا، وقد اتفقوا على أن تحريم أمهات النساء مبهم دون تحريم الربائب على ما عليه ظاهر كلام الله تعالى. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم (في رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها أنه قال: لا بأس أن يتزوج ابنتها ولا يحل له أن يتزوج أمها). وعن عمر وعمران بن الحصين رضي الله عنهما أن الام تحرم بنفس العقد. وعن مسروق هي مرسلة فأرسلوا ما أرسل الله. وعن ابن عباس أبهموا ما أبهم الله. إلا ما روي عن علي وابن عباس وزيد وابن عمر وابن الزبير أنهم قرأوا وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن.
وكان ابن عباس يقول: والله ما نزل إلا هكذا. وعن جابر روايتان وعن سعيد بن المسيب عن زيد إذا ماتت عنده فأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمها، وإذا طلقها قبل أن يدخل بها فإن شاء فعل، أقام الموت الدخول في ذلك كما قام مقامه في باب المهر، وسمى ولد المرأة من غير زوجها ربيبا وربيبة لأنه يربهما كما يرب ولده في غالب الامر، ثم اتسع فيه فسميا بذلك وإن لم يربهما. فإن قلت: ما فائدة قوله في حجوركم؟ قلت: فائدته التعليل للتحريم وأنهن لاحتضانكم لهن أو لكونهن بصدد احتضانكم وفي حكم التقلب في حجوركم إذا دخلتم بأمهاتهن وتمكن بدخولكم حكم الزواج وثبتت الخلطة والألفة وجعل الله بينكم المودة والرحمة وكانت الحال خليقة بأن تجروا أولادهن مجرى أولادكم كأنكم في العقد على بناتهن عاقدون على بناتكم. وعن علي رضي الله عنه أنه شرط ذلك في التحريم وبه أخذ داود. فإن قلت: ما معنى (دخلتم بهن)؟ قلت: هي كناية عن الجماع كقوله بنى عليها وضرب عليها الحجاب، يعني أدخلتموهن الستر، والباء للتعدية، واللمس ونحوه يقوم مقام الدخول عند أبي حنيفة. وعن عمر رضي الله عنه أنه خلا بجارية فجردها فاستوهبها ابن له فقال: إنها لا تحل لك. وعن مسروق أنه أمر أن تباع جاريته بعد موته وقال: أما إني لم أصب منها إلا ما يحرمها على ولدي من اللمس والنظر.
وعن الحسن في الرجل يملك الأمة فيغمزها لشهوة أو يقبلها أو يكشفها أنها لا تحل لولده بحال. وعن عطاء وحماد ابن أبي سليمان إذا نظر إلى فرج امرأة فلا ينكح أمها ولا ابنتها. وعن الأوزاعي إذا دخل بالام فعراها ولمسها بيده وأغلق الباب وأرخى الستر فلا يحل له نكاح ابنتها. وعن ابن عباس وطاوس وعمرو بن دينار أن التحريم لا يقع إلا بالجماع وحده (الذين من أصلابكم) دون من تبنيتم. وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب حين فارقها زيد بن حارثة. وقال عز وجل - لكيلا يكون على
(٥١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 ... » »»