الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥١٨
وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف، إن الله كان غفورا رحيما. والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين
____________________
المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم - (وأن تجمعوا) في موضع الرفع عطف على المحرمات: أي وحرم عليكم الجمع بين الأختين والمراد حرمة النكاح، لان التحريم في الآية تحريم النكاح. وأما الجمع بينهما في ملك اليمين، فعن عثمان وعلي رضي الله عنهما أنهما قالا: أحلتهما آية وحرمتهما آية يعنيان هذه الآية وقوله - وما ملكت أيمانكم - فرجح علي التحريم وعثمان التحليل (إلا ما قد سلف) ولكن ما مضى مغفور بدليل قوله (إن الله كان غفورا رحيما. والمحصنات) القراءة بفتح الصاد. وعن طلحة بن مصرف أنه قرأ بكسر الصاد وهن ذوات الأزواج لأنهن أحصن فروجهن بالتزويج فهن محصنات ومحصنات (إلا ما ملكت أيمانكم) يريد ما ملكت أيمانهم من اللاتي سبين ولهن أزواج في دار الكفر فهن حلال لغزاة المسلمين وإن كن محصنات، وفي معناه قول الفرزدق:
وذات حليل أنكحتها رماحنا حلال لمن يبنى بها لم تطلق (كتاب الله عليكم) مصدر مؤكد: أي كتب الله ذلك عليكم كتابا وفرضه فرضا وهو تحريم ما حرم. فإن قلت:
علام عطف قوله (وأحل لكم)؟ قلت: على الفعل المضمر الذي نصب كتاب الله: أي كتب الله عليكم تحريم ذلك وأحل لكم ما وراء ذلكم. ويدل عليه قراءة اليماني كتب الله عليكم وأحل لكم. وروي عن اليماني كتب الله عليكم على الجمع والرفع: أي هذه فرائض الله عليكم. ومن قرأ وأحل لكم على البناء للمفعول فقد عطفه على حرمت (أن تبتغوا) مفعول له بمعنى بين لكم ما يحل مما يحرم إرادة أن يكون ابتغاؤكم بأموالكم التي جعل الله لكم قياما في حال كونكم (محصنين غير مسافحين) لئلا تضيعوا أموالكم وتفقروا أنفسكم فيما لا يحل لكم فتخسروا دنياكم ودينكم، ولا مفسدة أعظم مما يجمع بين الخسرانين. وإلا حصان: العفة وتحصين النفس من الوقوع
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»