الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٢٤
وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم
____________________
والطلاق والرجعة وعدد الأزواج واليهم الانتساب وهم أصحاب اللحى والعمائم (وبما أنفقوا) وبسبب ما أخرجوا في نكاحهن من أموالهم في المهور والنفقات. وروي (أن سعد بن الربيع، وكان نقيبا من نقباء الأنصار، نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير فلطمها، فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:
أفرشته كريمتي فلطمها، فقال لتقتص منه، فنزلت، فقال صلى الله عليه وسلم: أردنا أمرا وأراد الله أمرا، والذي أراد الله خير ورفع القصاص) واختلف في ذلك فقيل: لا قصاص بين الرجل وامرأته فيما دون النفس ولو شجها ولكن يجب العقل. وقيل لا قصاص إلا في الجرح والقتل، وأما اللطمة ونحوها فلا (قانتات) مطيعات قائمات بما عليهن للأزواج (حافظات للغيب) الغيب خلاف الشهادة: أي حافظات لمواجب الغيب، إذا كان الأزواج غير شاهدين لهن حفظن ما يجب عليهن حفظه في حال الغيبة من الفروج والبيوت والأموال. وعن النبي صلى الله عليه وسلم (خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك، وإن أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في مالها (1) ونفسها وتلا الآية) وقيل للغيب لأسرارهم (بما حفظ الله) بما حفظهن الله حين أوصى بهن الأزواج في كتابه وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام فقال (استوصوا بالنساء خيرا) أو بما حفظهن الله وعصمهن ووفقهن لحفظ الغيب، أو بما حفظهن حين وعدهن الثواب العظيم على حفظ الغيب وأوعدهن بالعذاب الشديد على الخيانة. وما مصدرية.
وقرئ بما حفظ الله بالنصب على أن ما موصولة: أي حافظات للغيب بالامر الذي يحفظ حق الله وأمانة الله وهو التعفف والتحصن والشفقة على الرجال والنصيحة لهم. وقرأ ابن مسعود فالصوالح قوانت حوافظ للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن. نشوزها ونشوصها: أن تعصي زوجها ولا تطمئن إليه وأصله الانزعاج (في المضاجع) في المراقد: أي التي لا تداخلوهن تحت اللحف، أو هي كناية عن الجماع. وقيل هو أن يوليها ظهره في المضجع، وقيل في المضاجع في بيوتهن التي يبتن فيها: أي لا تبايتوهن. وقرئ في المضجع وفي المضطجع، وذلك لتعرف أحوالهن وتحقق أمرهن في النشوز، أمر بوعظهن أولا ثم هجرانهن في المضاجع ثم بالضرب إن لم ينجع فيهن الوعظ والهجران. وقيل معناه: أكرهوهن على الجماع واربطوهن، من هجر البعير: إذا شده بالهجار، وهذا من

(1) في مالها: أي في مالك، فالإضافة للملابسة بالتصرف والمحافظة كأنه مالها اه‍ سعد
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»