الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥١٢
إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب
____________________
في اللواطين. وقرئ واللذان بتشديد النون واللذأن بالهمزة وتشديد النون (التوبة) من تاب الله عليه إذا قبل توبته وغفر له، يعني إنما القبول والغفران واجب على الله تعالى لهؤلاء (بجهالة) في موضع الحال: أي يعملون السوء جاهلين سفهاء لان ارتكاب القبيح مما يدعو إليه السفه والشهوة لا مما تدعو إليه الحكمة والعقل. وعن مجاهد من عضى الله فهو جاهل حتى ينزع عن جهالته (من قريب) من زمان قريب والزمان القريب ما قبل حضرة الموت، ألا ترى إلى قوله - حتى إذا حضر أحدهم الموت، فبين أن وقت الاحتضار هو الوقت الذي لا تقبل فيه التوبة فبقى ما وراء ذلك في حكم القريب. وعن ابن عباس: قبل أن ينزل به سلطان الموت. وعن الضحاك: كل توبة قبل الموت فهو قريب. وعن النخعي: ما لم يؤخذ بكظمه. وروى أبو أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر). وعن عطاء: (ولو قبل موته بفواق ناقة). وعن الحسن: أن إبليس قال حين أهبط إلى الأرض: وعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام روحه في جسده، فقال تعالى: وعزتي لا أغلق عليه باب التوبة ما لم يغرغر. فإن قلت: ما معنى (من) في قوله (من قريب). قلت: معناه التبعيض: أي يتوبون بعض زمان قريب كأنه سمى ما بين وجود المعصية وبين حضرة الموت زمانا قريبا، ففي أي جزء تاب من أجزاء الزمان فهو تائب من قريب
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»