____________________
الأمهات. فإن قلت: كيف جمع اليتيم وهو فعيل كمريض على يتامى؟ قلت: فيه وجهان: أن يجمع على يتامى كأسرى لان اليتم من وادي الآفات والأوجاع ثم يجمع فعلى على فعالى كأسارى، ويجوز أن يجمع على فعائل لجري اليتم مجرى الأسماء نحو صاحب وفارس فيقال يتائم ثم يتامى على القلب، وحق هذا الاسم أن يقع على الصغار والكبار لبقاء معنى الانفراد عن الآباء، إلا أنه قد غلب أن يسموا به قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال، فإذا استغنوا بأنفسهم عن كافل وقائم عليهم وانتصبوا كفاة يكفلون غيرهم ويقومون عليهم زال عنهم هذا الاسم.
وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يتيم أبي طالب، إما على القياس، وإما حكاية للحال التي كان عليها صغيرا ناشئا في حجر عمه توضيعا له. وأما قوله عليه الصلاة والسلام (لا يتم بعد الحلم) فما هو إلا تعليم شريعة لا لغة، يعني أنه إذا احتلم لم تجر عليه أحكام الصغار. فإن قلت: فما معنى قوله (وآتوا اليتامى أموالهم)؟
قلت: إما أن يراد باليتامى الصغار وبإيتائهم الأموال أن لا يطمع فيها الأولياء والأوصياء وولاة السوء وقضاته ويكفوا عنها أيديهم الخاطفة حتى تأتي اليتامى إذا بلغوا سالمة غير محذوفة، وإما أن يراد الكبار تسمية لهم يتامى على القياس، أو لقرب عهدهم إذا بلغوا بالصغر كما تسمى الناقة عشراء بعد وضعها، على أن فيه إشارة إلى أن لا يؤخر دفع أموالهم إليهم عن حد البلوغ، ولا يمطلوا إن أونس منهم الرشد، وأن يؤتوها قبل أن يزول عنهم اسم اليتامى والصغار. وقيل هي في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ طلب المال فمنعه عمه، فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت، فلما سمعها العم قال: أطعنا الله وأطعنا الرسول، نعوذ بالله من الحوب الكبير، فدفع ماله إليه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ومن يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فإنه يحل داره:
يعني جنته، فلما قبض ألفوا ماله أنفقه في سبيل الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثبت الاجر وبقى الوزر، قالوا يا رسول الله قد عرفنا أنه ثبت الاجر كيف بقى الوزر وهو ينفق في سبيل الله؟ فقال: ثبت أجر الغلام وبقى الوزر على والده (ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب) ولا تستبدلوا الحرام وهو مال اليتامى بالحلال وهو مالكم وما أبيح لكم من المكاسب ورزق الله المبثوث في الأرض فتأكلوه مكانه. أو لا تستبدلوا الامر الخبيث وهو اختزال أموال اليتامى بالامر الطيب وهو حفظها والتورع منها. والتفعل بمعنى الاستفعال غير عزيز، منه التعجل بمعنى الاستعجال والتأخر بمعنى الاستئخار، قال ذو الرمة:
فيا كرم السكن الذين تحملوا عن الدار والمستخلف المتبدل
وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يتيم أبي طالب، إما على القياس، وإما حكاية للحال التي كان عليها صغيرا ناشئا في حجر عمه توضيعا له. وأما قوله عليه الصلاة والسلام (لا يتم بعد الحلم) فما هو إلا تعليم شريعة لا لغة، يعني أنه إذا احتلم لم تجر عليه أحكام الصغار. فإن قلت: فما معنى قوله (وآتوا اليتامى أموالهم)؟
قلت: إما أن يراد باليتامى الصغار وبإيتائهم الأموال أن لا يطمع فيها الأولياء والأوصياء وولاة السوء وقضاته ويكفوا عنها أيديهم الخاطفة حتى تأتي اليتامى إذا بلغوا سالمة غير محذوفة، وإما أن يراد الكبار تسمية لهم يتامى على القياس، أو لقرب عهدهم إذا بلغوا بالصغر كما تسمى الناقة عشراء بعد وضعها، على أن فيه إشارة إلى أن لا يؤخر دفع أموالهم إليهم عن حد البلوغ، ولا يمطلوا إن أونس منهم الرشد، وأن يؤتوها قبل أن يزول عنهم اسم اليتامى والصغار. وقيل هي في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ طلب المال فمنعه عمه، فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت، فلما سمعها العم قال: أطعنا الله وأطعنا الرسول، نعوذ بالله من الحوب الكبير، فدفع ماله إليه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ومن يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فإنه يحل داره:
يعني جنته، فلما قبض ألفوا ماله أنفقه في سبيل الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثبت الاجر وبقى الوزر، قالوا يا رسول الله قد عرفنا أنه ثبت الاجر كيف بقى الوزر وهو ينفق في سبيل الله؟ فقال: ثبت أجر الغلام وبقى الوزر على والده (ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب) ولا تستبدلوا الحرام وهو مال اليتامى بالحلال وهو مالكم وما أبيح لكم من المكاسب ورزق الله المبثوث في الأرض فتأكلوه مكانه. أو لا تستبدلوا الامر الخبيث وهو اختزال أموال اليتامى بالامر الطيب وهو حفظها والتورع منها. والتفعل بمعنى الاستفعال غير عزيز، منه التعجل بمعنى الاستعجال والتأخر بمعنى الاستئخار، قال ذو الرمة:
فيا كرم السكن الذين تحملوا عن الدار والمستخلف المتبدل