____________________
سورة النساء مدنية وهي مائة وخمس وسبعون آية بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الناس) يا بني آدم (خلقكم من نفس واحدة) فرعكم من أصل واحد وهو نفس آدم أبيكم. فإن قلت: علام عطف قوله (وخلق منها زوجها)؟ قلت: فيه وجهان أحدهما أن يعطف على محذوف كأنه قيل من نفس واحدة أنشأها أو ابتدأها وخلق منها زوجها وإنما حذف لدلالة المعنى عليه، والمعنى: شعبكم من نفس واحدة هذه صفتها وهي أنه أنشأها من تراب وخلق زوجها حواء من ضلع من أضلاعها (وبث منهما) نوعي جنس الانس وهما الذكور والإناث فوصفها بصفة هي بيان وتفصيل بكيفية خلقهم منها. والثاني أن يعطف على خلقكم ويكون الخطاب في يا أيها الناس للذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمعنى: خلقكم من نفس آدم لانهم من جملة الجنس المفرع منه، وخلق منها أمكم حواء وبث منهما (رجالا كثيرا ونساء) غيركم من الأمم الفائتة للحصر. فإن قلت: الذي يقضيه سداد نظم الكلام وجزالته أن يجاء عقيب الامر بالتقوى بما يوجبها أو يدعو إليها ويبعث عليها، فكيف كان خلقه إياهم من نفس واحدة على التفصيل الذي ذكره موجبا للتقوى