الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم. الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
____________________
وفي ذكر حال الشهداء واستبشارهم بمن خلفهم بعث للباقين بعدهم على ازدياد الطاعة والجد في الجهاد والرغبة في نيل منازل الشهداء وإصابة فضلهم وإحماد الحال من يرى نفسه في خير فيتمنى مثله لاخوانه في الله وبشرى للمؤمنين بالفوز في المآب، وكرر (يستبشرون) ليعلق به ما هو بيان لقوله - ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون - من ذكر النعمة والفضل، وأن ذلك أجر لهم على إيمانهم يجب في عدل الله وحكمته أن يحصل لهم ولا يضيع.
وقرئ وأن الله بالفتح عطفا على النعمة والفضل وبالكسر على الابتداء، وعلى أن الجملة اعتراض وهي قراءة الكسائي، وتعضدها قراءة عبد الله والله لا يضيع (الذين استجابوا) مبتدأ خبره للذين أحسنوا أو صفة للمؤمنين أو نصب على المدح. روي أن أبا سفيان وأصحابه لما انصرفوا من أحد فبلغوا الروحاء ندموا وهموا بالرجوع، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يرهبهم ويريهم من نفسه وأصحابه قوة، فندب أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان وقال: لا يخرجن معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس، فخرج صلى الله عليه وسلم مع جماعة حتى بلغوا حمراء الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال وكان بأصحابه القرح، فتحاملوا على أنفسهم حتى لا يفوتهم الاجر وألقى الله الرعب في قلوب المشركين فذهبوا فنزلت. ومن في (للذين أحسنوا منهم) للتبيين مثلها في قوله تعالى - وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة - لان الذين استجابوا لله والرسول قد أحسنوا كلهم واتقوا لا بعضهم. وعن عروة بن الزبير قالت لي عائشة رضي الله عنها: إن أبويك لمن الذين استجابوا لله والرسول تعني أبا بكر والزبير (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم) روي أن أبا سفيان نادى عند انصرافه من أحد:
يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن شاء الله، فلما كان القابل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مر الظهران فألقى الله الرعب في قلبه فبدا له أن يرجع، فلقى نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمرا فقال: يا نعيم إني واعدت محمدا أن نلتقي بموسم بدر وإن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن وقد بدا لي، ولكن إن خرج محمد ولم أخرج زاده ذلك جرأة فالحق بالمدينة فثبطهم ولك عندي عشر من الإبل، فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم: ما هذا بالرأي، أتوكم في دياركم وقراركم فلم يفلت منكم أحد إلا شريد، أفتريدون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم عند الموسم، فوالله لا يفلت منكم أحد. وقيل مر بأبي سفيان ركب من عبد القيس يريد المدينة للميرة فجعل لهم حمل بعير من زبيب إن ثبطوهم، فكره المسلمون الخروج فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأخرجن ولو لم يخرج معي أحد، فخرج في سبعين راكبا وهم يقولون: حسبنا الله ونعم الوكيل. وقيل هي الكلمة التي قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار حتى وافوا بدرا وأقاموا بها ثماني ليال، وكانت معهم تجارات فباعوها وأصابوا خيرا، ثم انصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين. ورجع أبو سفيان إلى مكة فسمى أهل مكة جيشه جيش السويق، قالوا: إنما خرجتم لتشربوا السويق، فالناس الأولون المثبطون والآخرون أبو سفيان وأصحابه. فإن قلت: كيف قيل الناس إن كان
وقرئ وأن الله بالفتح عطفا على النعمة والفضل وبالكسر على الابتداء، وعلى أن الجملة اعتراض وهي قراءة الكسائي، وتعضدها قراءة عبد الله والله لا يضيع (الذين استجابوا) مبتدأ خبره للذين أحسنوا أو صفة للمؤمنين أو نصب على المدح. روي أن أبا سفيان وأصحابه لما انصرفوا من أحد فبلغوا الروحاء ندموا وهموا بالرجوع، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يرهبهم ويريهم من نفسه وأصحابه قوة، فندب أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان وقال: لا يخرجن معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس، فخرج صلى الله عليه وسلم مع جماعة حتى بلغوا حمراء الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال وكان بأصحابه القرح، فتحاملوا على أنفسهم حتى لا يفوتهم الاجر وألقى الله الرعب في قلوب المشركين فذهبوا فنزلت. ومن في (للذين أحسنوا منهم) للتبيين مثلها في قوله تعالى - وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة - لان الذين استجابوا لله والرسول قد أحسنوا كلهم واتقوا لا بعضهم. وعن عروة بن الزبير قالت لي عائشة رضي الله عنها: إن أبويك لمن الذين استجابوا لله والرسول تعني أبا بكر والزبير (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم) روي أن أبا سفيان نادى عند انصرافه من أحد:
يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن شاء الله، فلما كان القابل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مر الظهران فألقى الله الرعب في قلبه فبدا له أن يرجع، فلقى نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمرا فقال: يا نعيم إني واعدت محمدا أن نلتقي بموسم بدر وإن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن وقد بدا لي، ولكن إن خرج محمد ولم أخرج زاده ذلك جرأة فالحق بالمدينة فثبطهم ولك عندي عشر من الإبل، فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم: ما هذا بالرأي، أتوكم في دياركم وقراركم فلم يفلت منكم أحد إلا شريد، أفتريدون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم عند الموسم، فوالله لا يفلت منكم أحد. وقيل مر بأبي سفيان ركب من عبد القيس يريد المدينة للميرة فجعل لهم حمل بعير من زبيب إن ثبطوهم، فكره المسلمون الخروج فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأخرجن ولو لم يخرج معي أحد، فخرج في سبعين راكبا وهم يقولون: حسبنا الله ونعم الوكيل. وقيل هي الكلمة التي قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار حتى وافوا بدرا وأقاموا بها ثماني ليال، وكانت معهم تجارات فباعوها وأصابوا خيرا، ثم انصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين. ورجع أبو سفيان إلى مكة فسمى أهل مكة جيشه جيش السويق، قالوا: إنما خرجتم لتشربوا السويق، فالناس الأولون المثبطون والآخرون أبو سفيان وأصحابه. فإن قلت: كيف قيل الناس إن كان