الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٨٤
ولكن الله يفعل ما يريد يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده
____________________
كرره للتأكيد (ولكن الله يفعل ما يريد) من الخذلان والعصمة (أنفقوا مما رزقناكم) أراد الانفاق الواجب لاتصال الوعيد به (من قبل أن يأتي يوم) لا تقدرون فيه على تدارك ما فاتكم من الانفاق لأنه (لابيع فيه) حتى تبتاعوا ما تنفقونه (ولا خلة) حتى يسامحكم أخلاؤكم به، وإن أردتم أن يحط عنكم ما في ذمتكم من الواجب لم تجدوا شفيعا يشفع لكم في حط الواجبات لان الشفاعة ثمة في زيادة الفضل لا غير (والكافرون هم الظالمون) أراد والتاركون الزكاة هم الظالمون فقال والكافرون للتغليظ، كما قال في آخر آية الحج ومن كفر مكان ومن لم يحج، ولأنه جعل ترك الزكاة من صفات الكفار في قوله - وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة - وقرئ (لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) بالرفع (الحي) الباقي الذي لا سبيل عليه للفناء وهو على اصطلاح المتكلمين الذي يصح أن يعلم ويقدر و (القيوم) الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه. وقرئ القيام والقيم. والسنة ما يتقدم النوم من الفتور الذي يسمى النعاس، قال ابن الرقاع العاملي:
وسنان أقصده النعاس فرنقت * في عينه سنة وليس بنائم أي لا يأخذه نعاس ولا نوم وهو تأكيد للقيوم لان من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيوما ومنه حديث موسى (أنه سأل الملائكة وكان ذلك من قومه كطلت الرؤية أينام ربنا؟ فأوحى الله إليهم أن يوقظوه ثلاثا ولا يتركوه ينام ثم قال: خذ بيدك قارورتين مملوءتين، فأخذهما وألقى الله عليه النعاس، فضرب إحداهما على الأخرى فانكسرتا، ثم أوحى إليه قل لهؤلاء إني أمسك السماوات والأرض بقدرتي فلو أخذني نوم أو نعاس لزالتا) (من ذا الذي يشفع عنده) بيان لملكوته وكبريائه وأن أحدا لا يتمالك أن يتكلم يوم القيامة إلا إذا أذن له
(٣٨٤)
مفاتيح البحث: الشفاعة (1)، البيع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»