الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٧٩
وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليك وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم
____________________
لهم على ظلمهم في القعود عن القتال وترك الجهاد (طالوت) اسم أعجمي كجالوت وداود، وإنما امتنع من الصرف لتعريفه وعجمته، وزعموا أنه من الطول لما وصف به من البسطة في الجسم ووزنه إن كان من الطول فعلوت منه أصله طولوت إلا أن امتناع صرفه يدفع أن يكون منه، إلا أن يقال هو اسم عبراني وافق عربيا كما وافق حنطاء حنطة وبشمالاها رخمانا رخيما بسم الله الرحمن الرحيم، فهو من الطول كما لو كان عربيا وكان أحد سببيه العجمة لكونه عبرانيا (أنى) كيف ومن أين، وهو إنكار لتملكه عليهم واستبعاد له فإن قلت: ما الفرق بين الواوين في ونحن أحق ولم يؤت؟ قلت: الأولى للحال والثانية لعطف الجملة على الجملة الواقعة حالا قد انتظمتهما معا في حكم واو الحال، والمعنى: كيف يتملك علينا والحال أنه لا يستحق التملك لوجود من هو أحق بالملك وأنه فقير ولابد للملك من مال يعتضد به، وإنما قالوا ذلك لان النبوة كانت في سبط لاوي بن يعقوب والملك في سبط يهوذا ولم يكن طالوت من أحد السبطين ولأنه كان رجلا سقاء أو دباغا فقيرا. وروى أن نبيهم دعا الله تعالى حين طلبوا منه ملكا فأتى بعصا يقاس بها من يملك عليهم فلم يساوها إلا طالوت (قال إن الله اصطفاه عليكم) يريد أن الله هو الذي اختاره عليكم وهو أعلم بالصالح منكم ولا اعتراض على حكم الله. ثم ذكر مصلحتين أنفع مما ذكروا من النسب والمال وهما العلم المبسوط والجسامة، والظاهر أن المراد بالعلم المعرفة بما طلبوه لأجله من أمر الحرب ويجوز أن يكون عالما بالديانات وبغيرها. وقيل قد أوحى إليه ونبئ، وذلك أن الملك لا بد أن يكون من أهل العلم، فإن الجاهل مزدرى غير منتفع به، وأن يكون جسيما يملأ العين جهارة لأنه أعظم في النفوس وأهيب في القلوب.
والبسطة السعة والامتداد. وروى أن الرجل القائم كان يمد يده فينال رأسه (يؤتى ملكه من يشاء) أي الملك له غير منازع فيه فهو يؤتيه من يشاء من يستصلحه للملك (والله واسع) الفضل والعطاء يوسع على من ليس له سعة من المال ويغنيه بعد الفقر (عليم) بمن يصطفيه للملك (التابوت) صندق التوراة، وكان موسى عليه السلام إذا قاتل قدمه فكانت تسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرون. والسكينة السكون والطمأنينة. وقيل هي صورة كانت فيه
(٣٧٩)
مفاتيح البحث: الوسعة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»