____________________
يراد وتصديقا للاسلام وتحقيقا للجزاء من أصل أنفسهم لأنه إذا أنفق المسلم ماله في سبيل الله علم أن تصديقه وإيمانه بالثواب من أصل نفسه ومن إخلاص قلبه و (من) على التفسير الأول للتبعيض مثلها في قولهم: هزمن عطفه وحرك من نشاطه، وعلى الثاني لابتداء الغاية كقوله تعالى - حسدا من عند أنفسهم - ويحتمل أن يكون المعنى: وتثبيتا من أنفسهم عند المؤمنين أنها صادقة الايمان مخلصة فيه، وتعضده قراءة مجاهد وتبيينا من أنفسهم. فإن قلت: فما معنى التبعيض؟ قلت: معناه أن من بذل ماله لوجه الله فقد ثبت بعض نفسه ومن بذل ماله وروحه معا فهو الذي ثبتها كلها - وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم - والمعنى: ومثل نفقة هؤلاء في زكائها عند الله (كمثل جنة) وهى البستان (بربوة) بمكان مرتفع، وخصها لان الشجر فيها أزكى وأحسن ثمرا (أصابها وابل) مطر عظيم القطر (فآتت أكلها) ثمرتها (ضعفين) مثلي ما كانت تثمر بسبب الوابل (فإن لم يصبها وابل فطل) فمطر صغير القطر يكفيها لكرم منبتها، أو مثل حالهم عند الله بالجنة على الربوة ونفقتهم الكثيرة والقليلة بالوابل والطل، وكما أن كل واحد من المطرين يضعف أكل الجنة فكذلك نفقتهم كثيرة كانت أو قليلة بعد أن يطلب بها وجه الله ويبذل فيها الوسع زاكية عند الله زائدة في زلفاهم وحسن حالهم عنده: وقرئ كمثل حبة وبربوة بالحركات الثلاث وأكلها بضمتين. الهمزة في (أيود) للانكار، وقرئ (له جنات وذرية ضعاف) والاعصار الريح التي تستدير في الأرض ثم تسطع نحو السماء كالعمود، وهذا مثل لمن يعمل الأعمال الحسنة لا يبتغى وجه الله، فإذا كان يوم القيامة وجدها محبطة فيتحسر عند ذلك حسرة من كانت له جنة من أبهى الجنات وأجمعها للثمار فبلغ الكبر وله أولاد ضعاف والجنة معاشهم ومنتعشهم فهلكت بالصاعقة. وعن عمر رضي الله عنه أنه سأل عنها الصحابة فقالوا الله أعلم، فغضب وقال: قولوا نعم أو لا نعلم، فقال ابن عباس رضي الله عنه: في نفسي منها شئ يا أمير المؤمنين، قال: قل يا ابن أخي ولا تحقر نفسك، قال: ضربت مثلا لعمل، قال: لأي عمل؟ قال: لرجل غنى يعمل الحسنات ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله كلها. وعن الحسن رضي الله عنه:
هذا مثل قل والله من يعقله من الناس، شيخ كبير ضعف جسمه وكثر صبيانه أفقر ما كان إلى جنته، وإن أحدكم والله أفقر ما يكون إلى عمله إذا انقطعت عنه الدنيا. فإن قلت: كيف قال جنة من نخيل وأعناب ثم قال له فيها من كل الثمرات؟ قلت: النخيل والأعناب لما كانا أكرم الشجر وأكثرها منافع خصهما بالذكر وجعل الجنة
هذا مثل قل والله من يعقله من الناس، شيخ كبير ضعف جسمه وكثر صبيانه أفقر ما كان إلى جنته، وإن أحدكم والله أفقر ما يكون إلى عمله إذا انقطعت عنه الدنيا. فإن قلت: كيف قال جنة من نخيل وأعناب ثم قال له فيها من كل الثمرات؟ قلت: النخيل والأعناب لما كانا أكرم الشجر وأكثرها منافع خصهما بالذكر وجعل الجنة