الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٨٣
القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا
____________________
بنحوه من الافعال فيكون أفخم من التصريح به وأنوه بصاحبه. وسئل الحطيئة عن أشعر الناس فذكر زهيرا والنابغة ثم قال: ولو شئت لذكرت الثالث أراد نفسه، ولو قال: أو لو شئت لذكرت نفسي لم يفخم أمره، ويجوز أن يريد إبراهيم ومحمدا وغيرهما من أولى العزم من الرسل. وعن ابن عباس رضي الله عنه: كنا في المسجد نتذاكر فضل الأنبياء فذكرنا نوحا بطول عبادته وإبراهيم بخلته وموسى بتكليم الله إياه وعيسى برفعه إلى السماء وقلنا:
رسول الله أفضل منهم بعث إلى الناس كافة وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهو خاتم الأنبياء فدخل عليه الصلاة والسلام فقال: فيم أنتم؟ فذكرنا له، فقال: لا ينبغي لاحد أن يكون خيرا من يحيى بن زكريا، فذكر أنه لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها. فإن قلت: فلم خص موسى وعيسى من بين الأنبياء بالذكر؟ قلت: لما أوتيا من الآيات العظيمة والمعجزات الباهرة، ولقد بين الله وجه التفضيل حيث جعل التكليم من الفضل وهو آية من الآيات، فلما كان هذان النبيان قد أوتيا ما أوتيا من عظام الآيات خصا بالذكر في باب التفضيل، وهذا دليل بين أن من زيد تفضيلا بالآيات منهم فقد فضل على غيره، ولما كان نبينا صلى اله عليه وسلم هو الذي أوتى منها ما لم يؤت أحد في كثرتها وعظمها كان هو المشهود له بإحراز قصبات الفضل غير مدافع. اللهم ارزقنا شفاعته يوم الدين (ولو شاء الله) مشيئة إلجاء وقسر (ما اقتتل الذين) من بعد الرسل لاختلافهم في الدين وتشعب مذاهبهم وتكفير بعضهم بعضا (ولكن اختلفوا فمنهم من آمن) لالتزامه دين الأنبياء (ومنهم من كفر) لاعراضه عنه (ولو شاء الله ما اقتتلوا)
(٣٨٣)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»