الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٨٦
ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم
____________________
ملكه تسمية بمكانه الذي هو كرسي الملك. والرابع ما روى أنه خلق كرسيا هو بين يدي العرش دونه السماوات والأرض وهو إلى العرش كأصغر شئ. وعن الحسن: الكرسي هو العرش (ولا يئوده) ولا يثقله ولا يشق عليه (حفظهما) حفظ السماوات والأرض (وهو العلى) الشأن (العظيم) الملك والقدرة. فإن قلت: كيف ترتبت الجمل في آية الكرسي من غير حرف عطف. قلت: ما منها جملة إلا وهى واردة على سبيل البيان لما ترتبت عليه والبيان متحد بالمبين، فلو توسط بينهما عاطف لكان كما تقول العرب بين العصا ولحائها. فالأولى بيان لقيامه بتدبير الخلق وكونه مهيمنا عليه غير ساه عنه. والثانية لكونه مالكا لما يدبره. والثالثة لكبرياء شأنه. والرابعة لاحاطته بأحوال الخلق وعلمه بالمرتضى منهم المستوجب للشفاعة وغير المرتضى. والخامسة لسعة علمه وتعلقه بالمعلومات كلها أو لجلاله وعظم قدره. فإن قلت: لم فضلت هذه الآية حتى ورد في فضلها ما ورد، منه قوله صلى الله عليه وسلم (ما قرئت هذه الآية في دار إلا اهتجرتها الشياطين ثلاثين يوما ولا يدخلها ساحر ولا ساحرة أربعين ليلة يا علي علمها ولدك وأهلك وجيرانك، فما نزلت آية أعظم منها). وعن علي رضي الله عنه: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم على أعواد المنبر وهو يقول (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت، ولا يواظب عليها إلا صديق أو عابد، ومن قرأها إذا أخذ مضجعه أمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والأبيات حوله) وتذاكر الصحابة رضوان الله عليهم أفضل ما في القرآن، فقال لهم علي رضي الله عنه: أين أنتم عن آية الكرسي؟ ثم قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا علي سيد البشر آدم، وسيد العرب محمد ولا
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»