____________________
كتب عليهم أن يتقوا المفطر بعد أن يصلوا العشاء وبعد أن يناموا ثم نسخ ذلك بقوله - أحل لكم ليلة الصيام - الآية ومعنى (معدودات) موقتات بعدد معلوم أو قلائل كقوله - دراهم معدودة - وأصله أن المال القليل يقدر بالعدد ويتحكر فيه والكثير يهال هيلا ويحثى حثيا، وانتصاب أياما بالصيام كقولك - نويت الخروج يوم الجمعة (أو على سفر) أو راكب سفر (فعدة) فعليه عدة. وقرئ بالنصب بمعنى فليصم عدة وهذا على سبيل الرخصة، وقيل مكتوب عليهما أن يفطرا ويصوما عدة (من أيام أخر). واختلف في المرض المبيح للافطار، فمن قائل: كل مرض لان الله تعالى لم يخص مرضا دون مرض كما لم يخص سفرا دون سفر، فكما أن لكل مسافر أن يفطر فكذلك كل مريض. وعن ابن سيرين أنه دخل عليه في رمضان وهو يأكل فاعتل بوجع أصبعه. وسئل ما لك عن الرجل يصيبه الرمد الشديد أو الصداع المضر وليس به مرض يضجعه فقال: إنه في سعة من الافطار. وقائل هو المرض الذي يعسر معه الصوم ويزيد فيه لقوله تعالى - يريد الله بكم اليسر - وعن الشافعي لا يفطر حتى يجهده الجهد غير المحتمل. واختلف أيضا في القضاء، فعامة العلماء على التخيير، وعن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: إن الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه، إن شئت فواتر وإن شئت ففرق. وعن علي وابن عمر والشعبي وغيرهم أنه يقضى كما فات متتابعا. وفى قراءة أبى (فعدة من أيام أخر متتابعات) فان قلت: فكيف قيل فعدة على التنكير ولم يقل فعدتها: أي فعدة الأيام المعدودات؟ قلت: لما قيل فعدة والعدة بمعنى المعدودة فأمر بأن يصوم أياما معدودة مكانها علم أنه لا يؤثر عدد على عددها فأغنى ذلك عن التعريف بالإضافة (وعلى الذين يطيقونه) وعلى المطيقين للصيام الذين لا عذر بهم إن أفطروا (فدية طعام مسكين) نصف صاع من بر أو صاع من غيره عند أهل العراق، وعند أهل الحجاز مد وكان ذلك في بدء الاسلام، فرض عليهم الصوم ولم يتعودوه فاشتد عليهم فرخص لهم في الافطار والفدية. وقرأ ابن عباس يطوقونه تفصيل من الطوق، إما بمعنى المطاقة أو القلادة: أي يكلفونه أو يقلدونه، ويقال لهم صوموا. وعنه يطوقونه بمعنى يتكلفونه أو يتقلدونه، ويطوقونه بإدغام التاء في الطاء، ويطيقونه ويطيقونه بمعنى يتطوقونه وأصلهما يطيقونه ويتطيقونه على أنهما من فيعل وتفعيل من الطوق فأدغمت الياء في الواو بعد قلبها ياء كقولهم: تدير المكان وما بها ديار. وفيه وجهان: أحدهما نحو معنى يطيقونه، والثاني يكلفونه أو يتكلفونه على جهد منهم وعسر وهم الشيوخ والعجائز، وحكم هؤلاء الافطار والفدية، وهو على هذا الوجه ثابت غير منسوخ، ويجوز أن يكون هذا معنى يطيقونه: أي يصومونه جهدهم وطاقتهم ومبلغ وسعهم (فمن تطوع خيرا) فزاد على مقدار الفدية (فهو خيرا له) فالتطوع أخيرا له أو الخير. وقرئ فمن يطوع بمعنى يتطوع (وأن تصوموا) إيها المطيقون أو المطوقون وحملتم على أنفسكم وجهدتم طاقتكم (خير لكم) من الفدية وتطوع الخير، ويجوز أن ينتظم في الخطاب المريض والمسافر أيضا. وفى قراءة أبى (والصيام خير لكم)