الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٣٧
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
____________________
وأمر المرخص له بمراعاة عدة ما أفطر فيه ومن الترخيص في إباحة الفطر فقوله (لتكملوا) علة الامر بمراعاة العدة (ولتكبروا) علة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر، (و) لعلكم تشكرون علة الترخيص والتيسير. وهذا نوع من اللف لطيف المسلك لا يكاد يهتدى إلى تبينه إلا النقاب المحدث من علماء البيان، وإنما عدى فعل التكبير بحرف الاستعلاء لكونه مضمنا معنى الحمد كأنه قيل: ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم، ومعنى ولعلكم تشكرون:
وإرادة أن تشكروا، وقرئ ولتكملوا بالتشديد. فان قلت: هل يصح أن يكون ولتكملوا معطوفا على علة مقدرة كأنه قيل: لتعلموا ما تعملون ولتكملوا العدة أو على اليسر كأنه قيل: يريد الله بكم اليسر ويريد بكم لتكملوا كقوله - يريدون ليطفئوا -؟ قلت: لا يبعد ذلك والأول أوجه. فان قلت: ما المراد بالتكبير؟ قلت: تعظيم الله والثناء عليه وقيل هو تكبير يوم الفطر وقيل هو التكبير عند الاهلال (فانى قريب) تمثيل لحالة في سهولة إجابته لمن دعاه وسرعة إنجاحه حاجة من سأله بحال من قرب مكانه. فإذا ادعى أسرعت تلبيته ونحوه - ونحن أقرب إليه من حبل الوريد - وقوله عليه الصلاة والسلام (هو بينكم وبين أعناق رواحلكم) وروى (أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت) (فليستجيبوا لي) إذا دعوتهم للايمان والطاعة كما أنى أجيبهم إذا دعوني لحوائجهم، وقرئ يرشدون ويرشدون بفتح الشين وكسرها (كان الرجل إذا أمسى حل له الأكل والشرب والجماع إلى أن يصلى العشاء الآخرة أو يرقد، فإذا صلاها أو رقد ولم يفطر حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى القابلة، ثم إن عمر رضي الله عنه واقع أهله بعد صلاة العشاء الآخرة فلما اغتسل أخذ يبكى ويلوم نفسه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة، وأخبره بما فعل، فقال عليه الصلاة والسلام: ما كنت جديرا بذلك يا عمر، فقام رجال فاعترفوا بما كانوا صنعوا بعد العشاء فتزلت) وقرئ (أحل لكم ليلة الصيام الرفث) أي أحل الله، وقرأ عبد الله الرفوث، وهو الافصاح بما يجب أن يكنى عنه كلفظ النيك. وقد أرفث الرجل، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أنشد وهو محرم.
وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا
(٣٣٧)
مفاتيح البحث: الصيام، الصوم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»