الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٣٨
هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم
____________________
فقيل له أرفثت، فقال: إنما الرفث ما كان عند النساء. وقال الله تعالى - فلا رفث ولا فسوق - فكنى به عن الجماع لأنه لا يكاد يخلو منه شئ من ذلك. فان قلت: لم كنى عنه ههنا بلفظ الرفث الدال على معنى القبح بخلاف قوله - وقد أفضى بعضكم إلى بعض فلما تغشاها، باشروهن، أو لامستم النساء، دخلتم بهن، فأتوا حرثكم من قبل أن تمسوهن، فما استمتعتم به منهن، ولا تقربوهن - قلت: استهجانا لما وجد منهم قبل الإباحة كما سماه اختيانا لأنفسهم. فان قلت: لم عدى الرفث بالى؟ قلت: لتضمينه معنى الافضاء لما كان الرجل والمرأة يعتنقان ويشتمل كل واحد منهما على صاحبه في عناقه شبه باللباس المشتمل عليه، قال الجعدي:
إذا ما الضجيع ثنى عطفها تثنت فكانت عليه لباسا فان قلت: ما موقع قوله (هن لباس لكم)؟ قلت: هو استئناف كالبيان لسبب الاحلال، وهو أنه إذا كانت بينكم وبينهن مثل هذه المخالطة والملابسة قل صبركم عنهن وصعب عليكم اجتنابهن فلذلك رخص لكم في مباشرتهن (تختانون أنفسكم) تظلمونها وتنقصونها حظها من الخير، والاختيان من الخيانة كالاكتساب من الكسب فيه زيادة وشدة (فتاب عليكم) حين تبتم مما ارتكبتم من المحظور (وابتغوا ما كتب الله لكم) واطلبوا ما قسم الله لكم وأثبت في اللوح من الولد بالمباشرة: أي لا تباشروا لقضاء الشهوة وحدها، ولكن لابتغاء ما وضع الله له النكاح من التناسل، وقيل هو نهى عن العزل لأنه في الحرائر. وقيل وابتغوا المحل الذي كتبه الله لكم وحلله دون مالم يكتب لكم من المحل والمحرم. وعن قتادة وابتغوا ما كتب الله لكم من الإباحة بعد الحظر. وقرأ ابن عباس واتبعوا وقرأ الأعمش وأتوا. وقيل معناه. واطلبوا ليلة القدر وما كتب الله لكم من الثواب إن أصبتموها وقمتموها.
(٣٣٨)
مفاتيح البحث: اللبس (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»