الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٠٥
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم
____________________
قلت أشير بها إلى الأماني المذكورة وهو أمنيتهم أن لا ينزل على المؤمنين خير من ربهم وأمنيتهم أن يردوهم كفارا وأمنيتهم أن لا يدخل الجنة غيرهم: أي تلك الأماني الباطلة أمانيهم، قل هاتوا برهانكم متصل بقولهم: لن يدخل الجنة إلا من كان هود أو نصارى وتلك أمانيهم اعتراض أو أريد أمثال تلك الأمنية أمانيهم على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه يريد أن أمانيهم جميعا في البطلان مثل أمنيتهم هذه، والأمنية أفعولة من التمني مثل الأضحوكة والأعجوبة (هاتوا برهانكم) هلموا حجتكم على اختصاصكم بدخول الجنة (إن كنت صادقين) في دعواكم وهذا أهدم إليه شئ لمذهب المقلدين وأن كل قول لا دليل عليه فهو باطل غير ثابت وهات صوت بمنزلة هاء بمعنى أحضر (بلى) إثبات لما نفوه من دخول غيرهم الجنة (من أسلم وجهه لله) من أخلص نفسه له لا يشرك به غيره (وهو محسن) في عمله (فله أجره) الذي يستوجبه. فإن قلت: من أسلم وجهه كيف موقعه؟
قلت يجوز أن يكون بلى ردا لقولهم ثم يقع من أسلم كلاما مبتدأ ويكون من متضمنا لمعنى الشرط وجوابه فله أجره وأن يكون من أسلم فاعلا بفعل محذوف أي بلى يدخلها من أسلم ويكون قوله فله أجره كلاما معطوفا على يدخلها من أسلم (على شئ) أي على شئ يصح ويعتد به وهذه مبالغة عظيمة لأن المحال والمعدوم يقع عليهما اسم الشئ فإذا نفى إطلاق اسم الشئ عليه فقد بولغ في ترك الاعتداد به إلى ما ليس بعده وهذا كقولهم أقل من لا شئ (وهم يتلون الكتاب) الواو للحال والكتاب للجنس أي قالوا ذلك وحالهم أنهم من أهل العلم والتلاوة للكتب وحق من حمل التوراة أو الإنجيل أو غيرهما من كتب الله وآمن به أن لا يكفر بالباقي لأن كل واحد من الكتابين مصدق للثاني شاهد بصحته وكذلك كتب الله جميعا متواردة على تصديق بعضها بعضا (كذلك) أي مثل ذلك الذي سمعت به على ذلك المنهاج (قال) الجهلة (الذين) لا علم عندهم ولا كتاب كعبدة
(٣٠٥)
مفاتيح البحث: الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»