____________________
إخوانا ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبراه فقال أصبتما وأفلحتما فنزلت فإن قلت بم تعلق قوله (من عند أنفسهم)؟ قلت فيه وجهان أحدهما أن يتعلق بود على معنى أنهم تمنوا أن تردوا عن دينكم وتمنيهم ذلك من عند أنفسهم ومن قبل شهوتهم لا من قبل التدين والميل مع الحق لأنهم ودوا ذلك من بعد ما تبين لهم أنكم على الحق فكيف يكون تمنيهم من قبل الحق. وإما أن يتعلق بحسدا متبالغا منبثا من أصل أنفسهم (فاعفوا واصفحوا) فاسلكوا معهم سبيل العفو والصفح عما يكون منهم من الجهل والعداوة (حتى يأتي الله بأمره) الذي هو قتل بني قريظة وإجلاء بنى النظير وإذلالهم بضرب الجزية عليهم (إن الله على كل شئ قدير) فهو يقدر على الانتقام منهم (من خير) من حسنة صلاة أو صدقة أو غيرهما (تجدوه عند الله) تجدوا ثوابه عند الله (إن الله بما تعملون بصير) عالم لا يضيع عنده عمل عامل الضمير في (وقالوا) لأهل الكتاب من اليهود والنصارى والمعنى وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى فلف أبين القولين ثقة بأن السامع يرد إلى كل فريق قوله، وأمنا من الإلباس لما علم من التعادي بين الفريقين وتضليل كل واحد منهما لصاحبه ونحوه - وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا - والهود جمع هائد كعائذ وعوذ وبازل وبزل. فإن قلت كيف قيل كان هودا على توحيد الاسم وجمع الخبر؟ قلت حمل الاسم على لفظ من والخبر على معناه كقراءة الحسن إلا من هو صالوا الجحيم - وقوله - - فإن له نار جهنم خالدين وقرأ أبي بن كعب إلا من كان يهوديا أو نصرانيا فإن قلت: لم قيل (تلك أمانيهم) وقولهم لن يدخل الجنة أمنية واحدة؟