الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٠٣
ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ما ننسخ من آية أو ننسأها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير. أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ود كثير من أهل الكتاب لو يرودنكم من بعد إيمانكم كفارا
____________________
لاستغراق الخبر والثالثة لابتداء الغاية والخير الوحي وكذلك الرحمة كقوله تعالى أهم يقسمون رحمة ربك والمعنى أنهم يرون أنفسهم أحق بأن يوحى إليهم فيحسدونكم وما يحبون أن ينزل عليكم شئ من الوحي (والله يختص) بالنبوة (من يشاء) ولا يشاء إلا ما تقتضيه الحكمة (والله ذو الفضل العظيم) إشعار بأن إيتاء النبوة من الفضل العظيم كقوله تعالى - إن فضله كان عليك كبيرا - روى أنهم طعنوا في النسخ فقالوا: ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ويقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا؟ فنزلت وقرئ ما ننسخ من آية وما ننسخ بضم النون من أنسخ أو ننسأها وقرئ ننسها وننسها بالتشديد وتنسها على خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ عبد الله ما ننسك من آية أو ننسخها وقرأ حذيفة ما ننسخ من آية أو ننسكها ونسخ الآية إزالتها بإبدال أخرى مكانها وإنساخها الأمر بنسخها وهو أن يأمر جبريل عليه السلام بأن يجعلها منسوخة بالإعلام بنسخها ونسؤها تأخيرها وإذهابها لا إلى بدل وإنساؤها أن يذهب بحفظها عن القلوب والمعنى أن كل آية يذهب بها على ما توجبه المصلحة من إزالتها لفظها وحكمها معا، أو من إزالة أحدهما إلى بدل أو غير بدل (نأت) بآية خير منها للعباد أي بآية العمل بها أكثر للثواب (أو مثلها) في ذلك (على كل شئ قدير) فهو يقدر على الخير وما هو خير منه وعلى مثله في الخير (له ملك السماوات والأرض) فهو يملك أموركم ويدبرها ويجريها على حسب ما يصلحكم وهو أعلم بما يتعبدكم به من ناسخ ومنسوخ. لما بين لهم أنه مالك أمورهم ومدبرها على حسب مصالحهم من نسخ الآيات وغيره وقررهم على ذلك بقوله ألم تعلم، أراد أن يوصيهم بالثقة به فيما هو أصلح لهم مما يتعبدهم به وينزل عليهم: وأن لا يقترحوا على رسولهم ما اقترحه آباء اليهود على موسى عليه السلام من الأشياء التي كانت عاقبتها وبالا عليهم كقولهم - اجعل لنا إلها - أرنا الله جهرة - وغير ذلك (ومن يتبدل الكفر بالإيمان) ومن ترك الثقة بالآيات المنزلة وشك فيها واقترح غيرها (فقد ضل سواء السبيل) روى أن فنحاص بن عازورا وزيد ابن قيس ونفرا من اليهود قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد: ألم تروا ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتم؟ فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل ونحن أهدى سبيلا، فقال عمار: كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا شديد: قال: فإني قد عاهدت أن لا أكفر بمحمد ما عشت فقالت اليهود: أما هذا فقد صبأ وقال حذيفة وأما أنا فقد رضيت بالله ربا وبمحمد نبيا وبالإسلام دينا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين
(٣٠٣)
مفاتيح البحث: أهل الكتاب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»