الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٩٩
قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال،
____________________
فإنه لا يسلطكم عليه وإن لم يكن إياه فعلى أي حق تقتلونه؟ وقيل أمره الله تعالى أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا.
وروى أنه كان لعمر رضي الله عنه أرض بأعلى المدينة وكان ممره على مدارس اليهود فكان يجلس إليهم ويسمع كلامهم فقالوا يا عمر قد أحببناك وإنا لنطمع فيك فقال والله ما أجيئكم لحبكم ولا أسألكم لأنى شاك في ديني وإنما أدخل عليكم لأزداد بصيرة في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأرى آثاره في كتابكم ثم سألهم عن جبريل فقالوا ذاك عدونا يطلع محمدا على أسرارنا وهو صاحب كل خسف وعذاب وإن ميكائيل يجئ بالخصب والسلام فقال لهم وما منزلتهما من الله تعالى؟ قالوا أقرب منزلة جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وميكائيل عدو لجبريل فقال عمر لئن كان كما تقولون فما هما بعدوين ولأنتم أكفر من الحمير ومن كان عدوا لأحدهما كان عدوا للآخر ومن كان عدوا لهما كان عدوا لله ثم رجع عمر فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد وافقك ربك يا عمر فقال عمر لقد رأيتني في دين الله بعد ذلك أصلب من الحجر. وقرئ جبرائيل بوزن قفشليل وجبرائيل بحذف الياء وجبريل بحذف الهمزة وجبريل بوزن قنديل وجبرال بلام شديدة وجبرائيل بوزن جبراعيل وجبرائل بوزن جبراعل. ومنع الصرف فيه للتعريف والعجمة. وقيل معناه عبد الله، الضمير في (نزله) للقرآن ونحو هذا الإضمار: أعني إضمار ما لم يسبق ذكره فيه فخامة لشأن صاحبه حيث يجعل لفرط شهرته كأنه يدل على نفسه ويكتفى عن اسمه الصريح بذكر شئ من صفاته (على قلبك) أي حفظه إياك وفهمكه (بإذن الله) بتيسره وتسهيله. فإن قلت: كان حق الكلام أن يقال على قلبي.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»