الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٩٣
وبالوالدين احسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون. وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون.
ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم
____________________
الأمر، وهو أبلغ من صريح الأمر والنهى لأنه كأنه سورع إلى الامتثال والانتهاء فهو يخبر عنه، وتنصره قراءة عبد الله وأبى " لا تعبدوا " ولا بد من إرادة القول، ويدل عليه أيضا قوله (وبالوالدين إحسانا) إما أن يقدر وتحسنون بالوالدين إحسانا أو وأحسنوا، وقيل هو جواب قوله - وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل - إجراء له مجرى القسم كأنه قيل: وإذا أقسمنا عليهم لا تعبدون وقيل معناه أن لا تعبدوا فلما حذفت أن رفع كقوله:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى * ويدل عليه قراءة عبد الله أن لا تعبدوا، ويحتمل أن لا تعبدوا أن تكون أن فيه مفسرة، وأن تكون أن مع الفعل بدلا عن الميثاق كأنه قيل: أخذنا ميثاق بني إسرائيل توحيدهم. وقرئ بالتاء حكاية لما خوطبوا به وبالياء لأنهم غيب (حسنا) قولا هو حسن في نفسه لإفراط حسنه، وقرئ حسنا وحسنى على المصدر كبشرى (ثم توليتم) على طريقة الالتفات: أي توليتم عن الميثاق ورفضتموه (إلا قليلا منكم) قيل هم الذين أسلموا منهم (وأنتم معرضون) وأنتم قوم عادتكم الإعراض عن المواثيق والتولية (لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم) لا يفعل ذلك بعضكم ببعض، جعل غير الرجل نفسه إذا اتصل به أصلا أو دينا، وقيل إذا قتل غيره فكأنما قتل نفسه لأنه يقتص منه (ثم أقررتم) بالميثاق واعترفتم على أنفسكم بلزومه (وأنتم تشهدون) عليها كقولك: فلان مقر على نفسه بكذا شاهد عليها، وقيل وأنتم تشهدون اليوم يا معشر اليهود على إقرار أسلافكم بهذا الميثاق (ثم أنتم هؤلاء) استبعاد لما أسند إليهم من القتل والإجلاء والعدوان بعد أخذ الميثاق منهم وإقرارهم وشهادتهم. والمعنى: ثم أنتم بعد ذلك هؤلاء المشاهدون: يعنى أنكم قوم آخرون غير أولئك المقرين تنزيلا لتغير الصفة منزلة بغير الذات كما تقول: رجعت بغير الوجه الذي خرجت به. وقوله (تقتلون)
(٢٩٣)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الزكاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»