____________________
ثم اعترض عليهم بقتلهم الأنبياء مع ادعائهم الإيمان بالتوراة والتوراة لا تسوغ قتل الأنبياء (وأنتم ظالمون) يجوز أن يكون حالا: أي عبدتم العجل وأنتم واضعون العبادة غير موضعها وأن يكون اعتراضا بمعنى وأنتم قوم عادتكم الظلم وكرر رفع الطور لما نيط به من زيادة ليست مع الأول مع ما فيه من التوكيد (واسمعوا) ما أمرتم به في التوراة (قالوا سمعنا) قولك (وعصينا) أمرك فإن قلت: كيف طابق قوله جوابهم؟ قلت طابقه من حيث إنه قال لهم اسمعوا وليكن سماعكم سماع تقبل وطاعة فقالوا سمعنا ولكن لا سماع طاعة (وأشربوا في قلوبهم العجل) أي تداخلهم حبه والحرص على عبادته كما يتداخل الثوب الصبيغ وقوله في قلوبهم بيان لمكان الإشراب كقوله - إنما يأكلون في بطونهم نارا - (بكفرهم) بسبب كفرهم (بئس ما يأمركم به إيمانكم) بالتوراة لأنه ليس في التوراة عبادة العجاجيل وإضافة الأمر إلى إيمانهم تهكم كما قال قوم شعيب - أصلاتك تأمرك - وكذلك إضافة الإيمان إليهم وقوله (إن كنتم مؤمنين) تشكيك في إيمانهم وقدح في صحة دعواهم له (خالصة) نصب على الحال من الدار الآخرة والمراد الجنة أي سالمة لكم خالصة بكم ليس لأحد سواكم فيها الحق يعنى إن صح قولكم لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، و (الناس) للجنس وقيل للعهد وهم المسلمون (فتمنوا الموت) لأن من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاق إليها وتمنى سرعة الوصول إلى النعيم والتخلص من الدار ذات الشوائب كما روى عن المبشرين بالجنة ما روى كان علي رضي الله عنه يطوف بين الصفين في غلالة فقال له ابنه الحسن ما هذا بزي المحاربين فقال يا بنى لا يبالي أبوك على الموت سقط أم عليه سقط الموت وعن حذيفة رضي الله عنه أنه كان يتمنى الموت فلما احتضر قال: حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم: يعنى على التمني وقال عمار بصفين:
الآن ألاقي الأحبة محمدا وحزبه * وكان كل واحد من العشرة يحب الموت ويحن إليه.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم " لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه وما بقى على وجه الأرض يهودي " (بما قدمت أيديهم) بما أسلفوا من موجبات النار من الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به وتحريف كتاب الله وسائر أنواع الكفر والعصيان وقوله (ولن يتمنوه أبدا) من المعجزات لأنه إخبار بالغيب وكان كما أخبر به كقوله - ولن تفعلوا - فإن قلت: ما أدراك أنهم لم يتمنوا؟ قلت: لأنهم لو تمنوا لنقل ذلك كما نقل سائر الحوادث ولكان ناقلوه من أهل الكتاب وغيرهم من أولى المطاعن في الإسلام أكثر من الذر وليس منهم أحد نقل ذلك فإن قلت التمني من أعمال القلوب وهو سر لا يطلع عليه أحد فمن أين علمت أنهم لم يتمنوا؟ قلت ليس التمني من أعمال القلوب إنما هو قول الإنسان بلسانه ليت لي كذا فإذا قاله قالوا تمنى
الآن ألاقي الأحبة محمدا وحزبه * وكان كل واحد من العشرة يحب الموت ويحن إليه.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم " لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه وما بقى على وجه الأرض يهودي " (بما قدمت أيديهم) بما أسلفوا من موجبات النار من الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به وتحريف كتاب الله وسائر أنواع الكفر والعصيان وقوله (ولن يتمنوه أبدا) من المعجزات لأنه إخبار بالغيب وكان كما أخبر به كقوله - ولن تفعلوا - فإن قلت: ما أدراك أنهم لم يتمنوا؟ قلت: لأنهم لو تمنوا لنقل ذلك كما نقل سائر الحوادث ولكان ناقلوه من أهل الكتاب وغيرهم من أولى المطاعن في الإسلام أكثر من الذر وليس منهم أحد نقل ذلك فإن قلت التمني من أعمال القلوب وهو سر لا يطلع عليه أحد فمن أين علمت أنهم لم يتمنوا؟ قلت ليس التمني من أعمال القلوب إنما هو قول الإنسان بلسانه ليت لي كذا فإذا قاله قالوا تمنى