الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٩٦
يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين. بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فباؤا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين. وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين.
____________________
محذوف وهو نحو كذبوا به واستهانوا بمجيئه وما أشبه ذلك (يستفتحون على الذين كفروا) يستنصرون على المشركين إذا قاتلوهم قالوا اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد نعته وصفته في التوراة، ويقولون لأعدائهم من المشركين: قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم. وقيل معنى يستفتحون يفتحون عليهم ويعرفونهم أن نبيا يبعث منهم قد قرب أوانه، والسين للمبالغة: أي يسألون أنفسهم الفتح عليهم كالسين في استعجب واستسحر، أو يسأل بعضهم بعضا أن يفتح عليهم (فلما جاءهم ما عرفوا) من الحق (كفروا به) بغيا وحسدا وحرصا على الرياسة (على الكافرين) أي عليهم وضعا للظاهر موضع المضمر للدلالة على أن اللعنة لحقتهم لكفرهم واللام للعهد ويجوز أن تكون للجنس ويدخلوا فيه دخولا أوليا (ما) نكرة منصوبة مفسرة لفاعل بئس بمعنى بئس شيئا (اشتروا به أنفسهم) والمخصوص بالذم (أن يكفروا) واشتروا بمعنى باعوا (بغيا) حسدا وطلبا لما ليس لهم وهو علة اشتروا (أن ينزل) لأن ينزل أو على أن ينزل: أي حسدوه على أن ينزل (الله من فضله) الذي هو الوحي (على من يشاء) وتقتضى حكمته إرساله (فباؤا بغضب على غضب) فصاروا أحقاء بغضب مترادف لأنهم كفروا بنبي الحق وبغوا عليه وقيل كفروا بمحمد بعد عيسى وقيل بعد قولهم عزير ابن الله وقولهم يد الله مغلولة وغير ذلك من أنواع كفرهم (بما أنزل الله) مطلق فيما أنزل الله من كتاب (قالوا نؤمن بما أنزل علينا) مقيد بالتوراة (ويكفرون بما وراءه) أي قالوا ذلك والحال أنهم يكفرون بما وراء التوراة (وهو الحق مصدقا لما معهم) منها غير مخالف له، وفيه رد لمقالتهم لأنهم إذا كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها
(٢٩٦)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»