الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٩٥
ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون. وقالوا قلوبنا غلف، بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون. ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل
____________________
المقدر. فإن قلت: هلا قيل وفريقا قتلتم؟ قلت: هو على وجهين أن تراد الحال الماضية لأن الأمر فظيع ، فأريد استحضاره في النفوس وتصويره في القلوب، وأن يراد وفريقا تقتلونهم بعد لأنكم تحرمون حول قتل محمد صلى الله عليه وسلم لولا أنى أعصمه منكم، ولذلك سحرتموه وسممتم له الشاة. وقال صلى الله عليه وسلم عند موته " ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أو ان قطعت أبهري " (غلف): جمع أغلف: أي هي خلقة وجبلة مغشاة بأغطية لا يتوصل إليها ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ولا تفقهه مستعار من الأغلف الذي لم يختن كقولهم - قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه - ثم رد الله أن تكون قلوبهم مخلوقة كذلك لأنها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق بأن الله لعنهم وخذلهم بسبب كفرهم، فهم الذين غلفوا قلوبهم بما أحدثوا من الكفر الزائغ عن الفطرة وتسببوا بذلك لمنع الألطاف التي تكون للمتوقع إيمانهم وللمؤمنين (فقليلا ما يؤمنون) فإبمانا قليلا يؤمنون، وما مزيدة وهو إيمانكم ببعض الكتاب، ويجوز أن تكون القلة بمعنى العدم، وقيل غلف تخفيف غلف جمع غلاف: أي قلوبنا أوعية للعلم فنحن مستغنون بما عندنا عن غيره. وروى عن أبي عمرو قلوبنا غلف بضمتين (كتاب من عند الله) هو القرآن (مصدقا لما معهم) من كتابهم لا يخالفه. وقرئ مصدقا على الحال. فان قلت: كيف جاز نصبها عن النكرة؟
قلت: إذا وصف النكرة تخصص فصح انتصاب الحال عنه وقد وصف كتاب بقوله من عند الله وجواب لما
(٢٩٥)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»