واخترع سبع سماوات واحدة فوق الأخرى (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) يعني من اختلاف وتناقض، وذلك يدل على أن ما فيه تفاوت من الكفر والمعاصي ليس من خلق الله، لأنه نفى نفيا عاما أن يكون فيما خلقه تفاوت. وتفاوت وتفوت مثل تصاغر وتصعر.
ثم نبه تعالى العاقل على صحة ما قاله من أنه ليس في خلق الله تفاوت.
فقال (فارجع البصر) أي فرد البصر وأدرها في خلق الله من السماوات (هل ترى من فطور) أي من شقوق وصدوع يقال: فطره يفطره، فهو فاطر إذا شقه ومنه قوله (تكاد السماوات يتفطرن منه) (1) أي يتصدعن. وقال ابن عباس:
معناه هل ترى من وهن، وقال قتادة: من خلل. وقال سفيان: من شقوق. ثم أكد ذلك بقوله (ثم ارجع البصر كرتين) أي دفعة ثانية، لان من نظر في الشئ كرة بعد أخرى بان له ما لم يكن بايناله.
ثم بين انه إذا فعل ذلك وتردد بصره في خلق الله انقلب إليه بصره ورجع إليه خاسئا يعني ذليلا صاغرا - في قول ابن عباس - وذلك كذلة من طلب شيئا لم يجده وأبعد عنه (وهو حسير) قال قتادة: معناه كال معيى، فالحسير الكليل، كما يحسر البعير.
ثم أقسم الله تعالى بقوله (ولقد زينا السماء الدنيا...) لان لام (لقد) هي التي يتلقى بها القسم بأنه زين السماء أي حسنها وجملها أي السماء الدنيا بالمصابيح، يعني الكواكب وسميت النجوم مصابيح لاضاءتها، وكذلك الصبح. والمصباح السراج وواحد المصابيح مصباح. قال قتادة: خلق الله تعالى النجوم لثلاث خصال: أحدها زينة السماء. وثانيها رجوما للشياطين. وثالثها علامات يهتدى بها، فعلى هذا يكون