امتناع كل واحد من المعنيين ان يصح مع الاخر.
يقول الله تعالى مخبرا عن عظمته وعلو شأنه (تبارك الذي بيده الملك) فمعنى تبارك بأنه الثابت الذي لم يزل ولا يزال. وأصل الصفة من الثبوت من البرك وهو ثبوت الطائر على الماء. ومنه البركة ثبوت الخير بنمائه. وقيل: معناه تعاظم بالحق من لم يزل ولا يزال، وهو راجع إلى معنى الثابت الدائم. وقيل:
المعنى تبارك من ثبوت الأشياء به إذ لولاه لبطل كل شئ لأنه لا يصح شئ سواه إلا مقدوره أو مقدور مقدوره، الذي هو القدرة، لان الله تعالى هو الخالق لها.
وقيل: إن معناه تبارك لان جميع البركات منه، إلا أن هذا المعنى مضمن في الصفة غير مصرح به، وإنما المصرح به تعالى باستحقاق التعظيم.
وقوله (الذي بيده الملك) معناه الذي يجب كونه قادرا وانه السلطان العظيم الذي كل ملك له، ليس من ملك إلا داخل فيه لان الله تعالى مالك الملوك، وممكنهم منها. والملك هو اتساع المقدور لمن له السياسة والتدبير.
وقوله (وهو على كل شئ قدير) معناه إن الذي بيده الملك والسلطان القادر على كل شئ يصح أن يكون مقدورا له وهو أخص من قولنا: وهو بكل شئ عليم، لأنه تعالى يعلم كل ما يصح أن يكون معلوما في نفسه، ولا يوصف بكونه قادرا إلا على ما يصح أن يكون مقدورا له، لان مقدور القدرة لا يصح أن يكون مقدورا له، وكذلك ما تقضى وقته مما لا يبقى لا يصح أن يكون مقدورا في نفسه.
ثم وصف تعالى نفسه فقال (الذي خلق الموت والحياة) أي خلق الموت للتعبد بالصبر عليه، والحياة للتعبد بالشكر عليها. وقيل: وجه خلق الموت والحياة للابتلاء هو ما فيها من الاعتبار المؤدي إلى تثبيت قادر على الأضداد مع التحذير