لفظه، كما قال الله تعالى (والله أنبتكم من الأرض نباتا) (1) وتقديره فأسحقهم الله إسحاقا لأنه مأخوذ منه فأما سحقته سحقا فمعناه باعدته بالتفريق عن حال اجتماعه بما صار إليه كالغبار. وليس لاحد أن يقول: ما وجه اعترافهم بالذنب مع ما عليهم من الفضيحة به؟! وذلك أنهم قد علموا انهم قد حصلوا على الفضيحة اعترفوا أو لم يعترفوا وانهم سواء عليهم أجزعوا أم صبروا، فليس يدعوهم إلى أحد الامرين إلا بمثل ما يدعوهم إلى الاخر في أنه لا فرج فيه، فلا يصلح أن يقال لم جزعوا إلا بمثل ما يصلح أن يقال لم صبروا، وكذلك لم اعترفوا بمنزلة لم لم يعترفوا على ما بيناه، والذنب مصدر لا يثنى ولا يجمع، ومتى جمع فلاختلاف جنسه، كما يقال غطاء الناس وأغطيتهم.
قوله تعالى:
(إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير (12) وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور (13) ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير (14) هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) (15) أربع آيات.
لما وصف الله تعالى الكفار وما أعده لهم من أليم العقاب، ذكر المؤمنين وما أعده لهم من جزيل الثواب، فقال (إن الذين يخشون ربهم) أي يخافون عذاب ربهم باتقاء معاصيه وفعل طاعاته (بالغيب) أي على وجه الاستسرار بذلك