وقال أبو العالية: الشهيق في الصدر، والزفير في الحلق وقوله (وهي تفور) أي ترتفع، فالفور ارتفاع الشئ بالغليان، يقال: فارت القدر تفور فورا ومنه الفوارة لارتفاعها بالماء ارتفاع الغليان. وفار الدم فورانا، وفار الماء يفور فورا.
وقوله (تكاد تميز من الغيظ) أي تكاد النار تتفرق وتنقطع من شدتها، وسمى شدتها والتهابها غيظا لان المغتاظ هو المتقطع بما يجد من الألم الباعث على الايقاع لغيره، فحال جهنم كحال المغتاظ، فالتميز التفرق والتمييز التفريق. وقال ابن عباس (تميز) أي تفرق، وهو قول الضحاك وابن زيد.
وقوله (كلما القي فيها فوج) يعني كلما طرح في النار فوج من الكفار (سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) يعني تقول لهم الملائكة الموكلون بالنار على وجه التبكيت لهم في صيغة الاستفهام: ألم يجئكم مخوف من جهة الله يخوفكم عذاب هذه النار؟!
فيقولون في جوابهم (بلى قد جاءنا نذير) أي مخوف معلم (فكذبنا) ولم نصدقه ولم نقبل منه (وقلنا ما أنزل الله من شئ) مما تدعوننا إليه وتحذروننا منه فتقول لهم الملائكة (ان أنتم إلا في ضلال كبير) أي لستم اليوم إلا في عذاب عظيم.
(وقالوا) أيضا يعني الكفار (لو كنا نسمع) من النذر ما جاؤنا به (أو نعقل) ما دعونا إليه وعملنا به (ما كنا في أصحاب السعير) فقال الله تعالى (فاعترفوا بذنبهم) يعني أقر أهل النار بمعاصيهم في ذلك الوقت الذي لم ينفعهم الاعتراف.
فالاعتراف هو الاقرار بالشئ عن معرفة، وذلك أن الافرار مشتق من قر الشئ يقر قرا إذا ثبت، فالمقر في المعنى مثبت له والاعتراف مأخوذ من المعرفة. فقال الله تعالى (فسحقا لأصحاب السعير) أي بعدا لهم عن الخير وعن ثواب الله ونعمه، فكأنه قال اسحقهم الله سحقا أو ألزمهم الله سحقا عن الخير فجاء المصدر على غير