الأرض إذا دكت استوت في فراشها فذهبت دورها، وقصورها وسائر أبنيتها حتى تصير كالصحراء الملساء بها. قال ابن عباس: يوم القيامة تمد الأرض مدا كالأديم.
وقوله (وجاء ربك والملك صفا صفا) معناه وجاء أمر الله أو عذاب الله وقيل: معناه وجاء جلائل آياته، فجعل مجيئ جلائل الآيات مجيئا له تفخيما لشأنها وقال الحسن: معناه وجاء قضاء الله، كما يقول القائل: جاءتنا الروم أي سيرتهم.
وقال بعضهم: معنى (جاء) ظهر بضرورة المعرفة، كما توصف الآية إذا وقعت ضرورة تقوم مقام الرؤية.
وقوله (والملك صفا صفا) معناه كصفوف الناس في الصلاة يأتي الصف الأول ثم الصف الثاني ثم الثالث على هذا الترتيب، لان ذلك أشكل بحال الاستواء من التشويش والتخليط بالتعديل في الأمور، والتقويم أولى.
وقوله (وجيئ يومئذ بجهنم) أي أحضرت جهنم ليعاقب بها المستحقون لها ويرى أهل الموقف هو لها، وعظم منظرها. وقوله (يتذكر الانسان) اخبار منه تعالى بأن الانسان يتذكر ما فرط فيه في دار التكليف من ترك الواجب وفعل القبيح ويندم عليه. ثم قال تعالى (وأنى له الذكرى) ومعناه من أين له الذكرى التي كان أمر بها في دار الدنيا، فإنها تقوده إلى طريق الاستواء وتبصره الضلال من الهدى، فكأنه قال وأنى له الذكرى التي ينتفع بها، كما لو قيل يتندم وأنى له الندم.
ثم حكى ما يقول الكافر المفرط الجائي على نفسه ويتمناه، فإنه يقول (يا ليتني قدمت لحياتي) أي يتمنى انه كان عمل الصالحات لحياته بعد موته أو عمل للحياة التي تدوم له، فكان أولى بي من التمسك بحياة زائلة. ثم قال (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد) معناه في قراءة من كسر الذال إخبار من الله تعالى أنه لا يعذب عذاب الله