بين انه (لا يسمع فيها) في تلك الجنة (لاغية) وهي كلمة لا فائدة فيها قال الشاعر:
عن اللغا ورفث التكلم (1) واللغو واللغا بمنزلة واحدة، ولغي يلغي، ولغا يلغو، والغاه ألغاه. وقيل (لاغية) بمعنى ذات لغو، كقولهم نابل ودارع أي ذو نبل ودرع، وتامر ذو تمر قال الحطيئة:
وغررتني وزعمت إنك * لابن باليضف تأمر (2) وقيل: إنها المصدر مثل العاقية. ويجوز أن يكون نعتا، وتقديره لا يسمع فيها كلمة لاغية والأول أصح، لقوله (لا لغو فيها ولا تأثيم) (3) وإنما نفي اللاغية عن الجنة، لان في سماع ما لا فائدة فيه ثقلا على النفس، ثم بين أن فيها أيضا أي في تلك الجنة عينا من الماء جارية، لان في العين الجارية متعة ليس في الواقف.
وقوله (فيها سرر مرفوعة) ليرى المؤمن بجلوسه عليها جميع ما حوله من الملك.
وقوله (وأكواب موضوعة) أي على حافة العين الجارية، كلما أراد شربها وجدها مملوءة، فالأكواب جمع كوب، وهي الأباريق التي ليس لها خراطيم، فهي للشراب من الذهب والفضة والجوهر يتمتعون بالنظر إليها بين أيديهم ويشربون بها ما يشتهون من لذيذ الشراب، وهي كأفخر الأكواز التي توضع بين يدي الملوك.
وقيل: الأكواب كالأباريق لا عرى لها ولا خراطيم وهي آنية تتخذ للشراب فاخرة حسنة الصورة. وقوله (ونمارق مصفوفة) قال قتادة: النمارق الوسائد واحدها نمرقة وهي الوسادة، وهي تصلح للراحة، ورفع المنزلة. وقوله (وزرابي مبثوثة) فالزرابي البسط الفاخرة واحد هما زربية. وقيل قد سمع (نمرقة) بضم النون والراء وكسرهما