البصرة (بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث) ثلاثتهن بالياء. الباقون ثلاثتهن بالتاء. والأول على وجه الخبر عن الذين تقدم ذكرهم من الكفار. والثاني على وجه الخطاب، وتقديره قل لهم يا محمد صلى الله عليه وآله. وقرأ أهل الكوفة (تحاضون) بالتاء والألف. الباقون بغير الف والياء في جميع ذلك مفتوحة يقال:
حضضته وحثثته و (تحاضون) مثل فاعلته وفعلته إلا أن المفاعلة بين اثنين فأكثر وقرأ الكسائي ويعقوب (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد، ولا يوثق وثاقه أحد) على ما لم يسم فاعله، والفعل مسند إلى (أحد)، والمعنى لا يعذب عذابه أحد فداء له من العذاب، لأنه المستحق له، فلا يؤخذ بذنب غيره. الباقون بكسر الذال (ولا يوثق) بكسر الثاء وتأويله لا يعذب عذاب الله أحد، ولا يوثق وثاقه أحد وهو قول الحسن وقتادة.
لما توعد الله تعالى الكفار وجميع العصاة بما قدمه من الوعيد على المعاصي وأخبرهم بما فعل بالأمم الماضية جزاء على كفرهم. وحكى أنه لبالمرصاد لكل عاص قسم أحوال الخلق من البشر، فقال (فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه) أي اختبره والابتلاء هو إظهار ما في العبد من خير أو شر من الشدة والرخاء والغنى والفقر حسب ما تقتضيه المصلحة، فان عمل بداعي العقل ظهر الخير، وإن عمل بداعي الطبع ظهر الشر. ومثل الابتلاء الامتحان والاختبار.
وقوله (فأكرمه ونعمه) معناه أعطاه الخير وأنعم عليه به، والاكرام إعطاء الخير للنفع به على ما تقتضيه الحكمة إلا إنه كثر فيما يستحق بالاحسان، ونقيض الاكرام الهوان (فيقول) العبد عند ذلك (ربي أكرمني) أي أنعم علي وأحسن إلي. ومن أثبت الياء، فلأنها الأصل ومن حذفها فلأنها رأس آية، واجتزأ بكسرة والنون الدالة على حذفها.