قطعوا الصخر من الجبال بشدة قوتهم، يقال: جاب يجوب إذا قطع قال النابغة:
اتاك أبو ليلي يجوب به الدجى * دجى الليل جواب الغلاة غشمشم قال مجاهد: قطعوا الجبال بيوتا كما قال (وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين) (1) وقوله (وفرعون ذي الأوتاد) قال ابن عباس: معناه ذي الجنود الذين كانوا يشدون أمره. وقال مجاهد: كان يوتد الأوتاد في أيدي الناس. وقال قتادة: ملاعب كان يلعب له فيها، ويضرب تحتها بالأوتاد. وقيل: ذي الأوتاد لكثرة الأوتاد التي كانوا يتخذونها للمضارب ولكثرة جموعهم، وكان فيهم أكثر منه في غيرهم، وقيل: إن فرعون كان إذا غضب على الرجل مده بين أربعة أوتاد حتى يموت.
وقوله (الذين طغوا في البلاد) معناه إن هؤلاء الذين ذكرناهم تجاوزوا في الظلم الحد في البلاد، وخرجوا عن حد القلة وفسر ذلك بقوله (فأكثروا فيها الفساد) يعني أكثروا في البلاد الفساد، ثم بين ما فعل بهم عاجلا فقال (فصب عليهم ربك) يا محمد صلى الله عليه وآله (سوط عذاب) أي قسط عذاب كالعذاب بالسوط الذي يعرف إلا أنه أعظم، ويجوز أن يكون عنى قست عذاب يخالط اللحوم والدماء كما يخالط بالسوط من قولهم: ساطه يسوطه سوطا فهو سائط قال الشاعر:
أحارث إنا لو تساط دماؤنا * تزايلن حتى لا يمس دم دما (2) وقيل: المعنى إنه جعل سوطه الذي ضربهم به انه صب عليهم العذاب. وقوله (إن ربك لبالمرصاد) معناه إن ربك يا محمد لا يفوته شئ من اعمال العباد كما لا يفوت من بالمرصاد. والمرصاد مفعال من رصده يرصده رصدا، فهو راصد إذا راعى ما يكون منه ليقابله بما يقتضيه، وقيل لأمير المؤمنين عليه السلام أين كان ربنا قبل