يا عين هلا بكيت أربد إذ * قمنا وقام الخصوم في كبد (1) أي في شدة نصب، فالكبد في اللغة شدة الامر يقال: تكبد اللبن إذا غلظ واشتد، ومنه الكبد، كأنه دم يغلظ ويشتد، وتكبد الدم إذا صار كالكبد، والانسان مخلوق في شدة أمر بكونه في الرحم. ثم في القماط والرباط. ثم على خطر عظيم عند بلوغه حال التكليف، فينبغي له أن يعلم أن الدنيا دار كد ومشقة، وأن الجنة هي دار الراحة والنعمة.
وقوله (أيحسب أن لن يقدر عليه أحد) معناه أيظن هذا الانسان أن لن يقدر على عقابه أحد إذا عصى الله تعالى وارتكب معاصيه فبئس الظن ذلك. وقيل: إنها نزلت في رجل يقال له أبو الاسدين كان من القوة بحيث يقف على أديم عكاظي فيجري العسرة من تحته، فتنقطع ولا يبرح من عليه فقال الله تعالى (أيحسب) لشدته وقوته (أن لن يقدر عليه أحد) ثم حكى ما يقول هذا الانسان من قوله (أهلكت مالا لبدا) قال الحسن: معناه يقول أهلكت مالا كثيرا، فمن يحاسبني عليه، حميق ألم يعلم أن الله قادر على محاسبته، اللبد الكثير الذي قد تراكب بعضه على بعض، ومنه تلبد القطن والصوف إذا تراكب بعضه على بعض، وكذلك الشعر ومنه اللبد ومن قرأ (لبدا) بتشديد الباء، فهو جمع لابد.
وقوله (أيحسب أن لم يره أحد) أيظن هذا الانسان انه لم يبصره أحد فيطالبه من أين كسب هذا المال، وفي أي شئ أنفقه - ذكره قتادة - وقيل: معنا أيظن أن لم يره أحد في انفاقه، لأنه كاذب.. وقال الحسن: يقول: أنفقت مالا كثيرا فمن يحاسبني عليه. وقيل الآية نزلت في رجل من بني جمح يكنى أبا الاسدين، وكان قويا شديدا.