يعني فرقا. وقيل سفها. قال الزجاج: يجوز أن يكون الجن زادوا الانس، ويجوز أن يكون الانس زادوا الجن رهقا. والرهق لحاق الاثم، وأصله اللحوق. ومنه راهق الغلام إذا لحق حال الرجال قال الأعشى:
لا شئ ينفعني من دون رؤيتها * هل يشتفى وامق ما لم يصب رهقا (1) أي لم يعش اثما. ثم حكى تعالى (وأنهم ظنوا كما ظننتم) معاشر الانس (ان لن يبعث الله أحدا) أي لا يحشره يوم القيامة ولا يحاسبه. وقال الحسن:
ظن المشركون من الجن، كما ظن المشركون من الانس (ان لن يبعث الله أحدا) لجحدهم بالبعث والنشور، واستبعدوا ذلك مع اعترافهم بالنشأة الأولى، لأنهم رأوا إمارة مستمرة في النشأة الأولى، ولم يروها في النشأة الثانية، ولم ينعموا النظر فيعلموا أن من قدر على النشأة الأولى يقدر على النشأة الأخرى.
وقال قتادة: ظنوا أن لا يبعث الله أحدا رسولا.
ثم حكى ان الجن قالت (إنا لمسنا السماء) أي مسسناها بأيدينا. وقال الجبائي: معناه إنا طلبنا الصعود إلى السماء، فعبر عن ذلك باللمس مجازا، وإنما جاز من الجن تطلب الصعود مع علمهم بأنهم يرمون بالشهب لتجويزهم أن يصادفوا موضعا يصعدون منه ليس فيه ملك يرميهم بالشهب، أو اعتقدوا أن ذلك غير صحيح، ولم يصدقوا من أخبرهم بأنهم رموا حين أرادوا الصعود (فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا) نصب (حرسا) على التمييز و (شديدا) نعته و (شهبا) عطف على (حرسا) فهو نصب أيضا على التمييز. وتقديره ملئت من الحرس.
والشهب جمع شهاب، وهو نور يمتد من السماء من النجم كالنار. قال الله تعالى (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين) (2) والحرس جمع