المستمرة مرتبة بعد مرتبة. والمعنى فيها إنا كنا في طرق مختلفة. والقدد جمع قدة.
وهي المستمرة بالقد في جهة واحدة. والقدد مضمن بجعل جاعل، وهو القاد، وليس كذلك الطريقة في تضمن الصفة، وإنما هي كالمذهب الذي يمكن فيه على استمرار إلى حيث انتهى إليه. والمعنى إنا كنا على طرائق متباينة كل فرقة يتباين صاحبها كما بين المقدود بعضه من بعض.
وقوله (وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض) فالظن - ههنا - بمعنى العلم والمعنى اعترافهم بأن علموا أنه لا يفوت الله شئ يذهب في الأرض، ولا إذا هرب منه بسائر ضروب الهرب، واعترفوا أيضا فقالوا (وانا لما سمعنا الهدى) يعنون القرآن الذي فيه هدى كل حي (آمنا به) أي صدقناه. ثم قالوا (فمن يؤمن بربه) أي من يصدق بتوحيد الله وعرفه على صفاته (فلا يخاف بخسا) أي نقصانا فيما يستحقه من الثواب (ولا رهقا) أي ولا يخاف ظلما، فالرهق لحاق السرف في الامر، وكأنه قال لا يخاف نقصا قليلا ولا كثيرا، وذلك أن اجره وثوابه موفر على أتم ما يكون فيه. وقال ابن عباس: معناه لا يخاف نقصا من حسناته ولا زيادة في سيئاته، وهو قول الحسن وقتادة وابن زيد، والتقدير فمن يؤمن بربه فإنه لا يخاف ثم قالوا أيضا (وانا منا المسلمون) يعني الذين استسلموا لما أمرهم الله به، وانقادوا له (ومنا القاسطون) يعني الجائرون عن طريق الحق. والقاسط الجائر عن طريق الحق (فمن اسلم) أي استسلم لامر الله (فأولئك تحروا رشدا) أي طلبوا الهدى إلى الحق، (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) أي استحقوا بذلك أن يكونوا وقود النار يوم القيامة يحرقون بها. وقوله (وأن لو استقاموا على الطريقة) اخبار من الله تعالى عن نفسه. وقيل (ان) يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة، فيكون محمولا على الوحي، فكأنه قال (أوحي إلي أن لو استقاموا) وفصل لو بينها وبين