كل شئ لا يعرف سببه. وقيل: هو ما يدعو إلى التعجب منه لخفاء سببه وخروجه عن العادة في مثله، فلما كان القرآن قد خرج بتأليفه عن العادة في الكلام، وخفي سببه عن الأنام كان عجبا، وقوله (يهدي إلى الرشد) حكاية ما قالت الجن ووصفت به القرآن، فإنهم قالوا: هذا القرآن يهدي إلى ما فيه الرشاد والحق (فآمنا به) أي صدقنا بأنه من عند الله (ولن نشرك) فيما بعد (بربنا أحدا) فنوجه العبادة إليه بل نخلص العبادة له تعالى (وانه تعالى جد ربنا) من كسر الهمزة عطفه على قوله (إنا سمعنا) وحكى أنهم قالوا (إنه) ويجوز أن يكون استأنف الاخبار عنهم، ومن فتح فعلى تقدير فآمنا بأنه تعالى جد ربنا، ومعناه تعالى عظمة ربنا، لانقطاع كل شئ عظمة عنها لعلوها عليه. ومنه الجد أبو الأب، والجد الحظ لانقطاعه بعلو شأنه. والجد ضد الهزل لانقطاعه عن السخف، ومنه الجديد لأنه حديث عهد بالقطع في غالب الامر. وقال الحسن - في رواية - ومجاهد وقتادة: معناه تعالى جلالته وعظمته.
وفى رواية أخرى عن الحسن: تعالى غني ربنا، وكل ذلك يرجع إلى معنى وصفه بأنه عظيم غني. ويقال: جد فلان في قومه إذا عظم فيهم. وروي عن أحدهما عليهم السلام أنه قال : ليس لله جد وإنما قالت ذلك الجن بجهلها فحكاه كما قالت. وقال الحسن:
ان الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله إلى الأنفس والجن، وانه لم يرسل رسولا قط من الجن ولا من أهل البادية، ولا من النساء، لقوله (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى) (1).
وقوله (ما اتخذ صاحبة ولا ولدا) على ما قال قوم من الكفار.
وقوله (وانه كان يقول سفيهنا على الله شططا) من كسر استأنف. ومن