يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا (17) وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (18) وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا (19) قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا) (20) عشر آيات.
قرأ أهل الكوفة ويعقوب وسهل (يسلكه) بالياء بمعنى يسلكه الله. الباقون بالنون على وجه الاخبار منه تعالى عن نفسه بنون العظمة. وقرأ أبو جعفر وعاصم وحمزة (قل إنما ادعوا ربي) بلفظ الامر. الباقون (قال) على فعل ماض. وقرأ هشام بن عماد عن ابن عامر (لبدا) بضم اللام. الباقون بكسر اللام. واللبد واللبد بمعنى واحد، وجمع اللبدة لبد، مثل ظلمة وظلم. ويقال: لابد ولبد، مثل راكع وركع.
يقول الله تعالى في تمام الحكاية عما قالته الجن الذين امنوا عند سماع القرآن فإنهم قالوا (وانا منا الصالحون) وهم الذين عملوا الصالحات وسمي صالحا، لأنه عمل ما يصلح به حاله في دينه. وأما المصلح فهو فاعل الصلاح الذي يقوم به أمر من الأمور، ولهذا وصف تعالى بأنه مصلح، ولم يجز وصفه بأنه صالح. والصلاح يتعاظم استحقاق المدح عليه والثواب كما يختلف استحقاق الشكر بالنعم، ففي النعم ما يستحق به العبادة وفيها ما لا يستحق به ذلك وإن استحق به الشكر، فلذلك قال (ومنادون ذلك) والمعنى ان منا الصالحين في مراتب عالية ومنادون ذلك في الرتبة.
وقوله (كنا طرائق قددا) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: يعني على مذاهب مختلفة: مسلم، وكافر، وصالح، ودون الصالح. والطرائق جمع طريقة وهي الجهة