ذلك بحدوث نفسه. وقد يكون بحدوث غيره له. والجعل على أربعة أوجه:
أولها - أحداث النفس، كجعل البناء والنساجة وغير ذلك.
والثاني - بقلبه، كجعل الطين خزفا.
والثالث - بالحكم كجعله كافرا أو مؤمنا والرابع - بالدعاء إلى الفعل كجعله صادقا وداعيا.
والنور جسم شعاعي فيه ضياء كنور الشمس، ونور القمر، ونور النار، ونور النجوم، وشبه بذلك نور الهدى إلى الحق، فالله تعالى جعل القمر ضياء في السماوات السبع - في قول عبد الله بن عمر - وقيل: جعله نورا في ناحيتهن (وجعل الشمس سراجا) فالسراج جسم يركبه النور للاستصباح به، فلما كانت الشمس قد جعل فيها النور للاستضاءة به كانت سراجا، وهي سراج العالم كما أن المصباح سراج هذا الانسان.
وقوله (والله أنبتكم من الأرض نباتا) فالانبات إخراج النبات من الأرض حالا بعد حال. والنبات هو الخارج بالنمو حالا بعد حال، والتقدير في (أنبتكم نباتا) أي فنبتم نباتا، لان أنبت يدل على نبت، من جهة انه متضمن به.
وقوله (ثم يعيدكم فيها) فالإعادة النشأة الثانية، فالقادر على النشأة الأولى قادر على الثانية، لأنه باق قادر على اختراعه من غير سبب يولده، والمعنى إن الله يردكم في الأرض بأن يميتكم فتصيروا ترابا كما كنتم أول مرة (ويخرجكم اخراجا) منها يوم القيامة كما قال (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) (1) ثم قال (والله جعل لكم الأرض بساطا) أي مبسوطة يمكنكم المشي عليها والاستقرار فيها. وبين أنه إنما جعلها، كذلك (لتسلكوا منها سبلا فجاجا) فالفجاج