التنديد بمن عدد التوحيد - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٣٦
يسلم المشرك بانفراد الله تعالى باستحقاق العبادة حتى يسلم بانفراده عز وجل بالربوبية، وما دام في نفسه اعتقاد الربوبية لغيره عز وجل استتبع ذلك الاعتقاد في هذا الغير الاستحقاق للعبادة ولذلك كان من الواضح عند أولي الألباب أن توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية شئ واحد ولا فرق بينهما وهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر في الوجود وفي الاعتقاد، وتقسيم التوحيد إلى توحيد ألوهية وربوبية باطل، كما سيتبين الآن إن شاء الله تعالى، فمن اعترف أنه لا رب إلا الله كان معترفا بأنه لا يستحق العبادة غيره، ومن أقر بأنه لا يستحق العبادة غيره كان مذعنا بأنه لا رب سواه، وهذا هو معنى لا إله إلا الله في قلوب جميع المسلمين، ولذلك نرى القرآن في كثير من المواضع يكتفي بأحدهما عن الآخر، ويرتب اللوازم المستحيلة على انتفاء أي واحد منهما ليستدل بانتفائها على ثبوته فانظر إلى قوله تعالى: * (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) * الأنبياء: 22، وقوله تعالى: * (وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) * المؤمنون: 91، حيث عبر بالإله ولم يعبر بالرب.
وكذلك في الميثاق الأول، قال سبحانه: * (ألست بربكم) * الأعراف:
172، ولم يقل بإلهكم، واستفاض عن رسول الله ص: أن الملكين يقولان للميت في قبره: (من ربك؟) ويكتفيان بالسؤال عن توحيد الربوبية، ويكون جوابه بقوله: (الله ربي)، كافيا، ولا يقولان له إنما عرفت توحيد الربوبية واعترفت به فقط، ولم تعترف بتوحيد الألوهية، ولا يقولان له ليس توحيد الربوبية كافيا في الإيمان.
وهذا خليل الله سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول لذلك الجبار:
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست