التنديد بمن عدد التوحيد - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٣٤
عابدا له شرعا وإن كان الخضوع والتذلل لغير الله تعالى قد يحرم في بعض صوره كما إذا كان لغني لأجل غناه، لكنه لا يسمى عبادة شرعا، ولا يكون صاحبه مشركا، كما أفاد ذلك العلامة محمد حبيب الله الشنقيطي في زاد المسلم.
ويوضح ذلك أيضا أن نقول: إن العبادة شرعا معناها الإتيان بأقصى الخضوع قلبا وقالبا، فهي إذن نوعان قلبية وقالبية، (فالقلبية): هي اعتقاد الربوبية أو خصيصة من خصائصها كالاستقلال بالنفع أو الضر ونفوذ المشيئة لمن اعتقد فيه ذلك، (والقالبية): هي الإتيان بأنواع الخضوع الظاهرية من قيام وركوع وسجود وغيرها مع ذلك الاعتقاد القلبي، فإن أتى بواحد منها بدون ذلك الاعتقاد لم يكن ذلك الخضوع عبادة شرعا ولو كان سجودا، وإنما قال العلماء بكفر من سجد للصنم لأنه أمارة وعلامة على ذلك الاعتقاد، لا لأنه كفر من حيث ذاته، إذ لو كان كفرا لذاته - السجود - لما حل في شريعة قط، وقد حل كما هو معلوم في آيات كثيرة، فكيف حل وهو كفر، والله لا يأمر بالفحشاء، قال تعالى: * (إن الله لا يأمر بالفحشاء) * الأعراف: 27.
فقد كان كما هو معلوم السجود لغير الله عز وجل على وجه التحية والتكريم مشروعا في الشرائع السابقة وإنما حرم في هذه الشريعة، فمن فعله لأحد تحية وإعظاما من غير أن يعتقد فيه ربوبية كان آثما بذلك السجود، ولا يكون به كافرا إلا إذا قارنه اعتقاد الربوبية للمسجود له، ويرشدك إلى ذلك قوله عز وجل في سيدنا يعقوب نبي الله عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وامرأته وبنيه حين دخلوا على سيدنا يوسف * (وخروا له سجدا) * يوسف: 100، قال ابن كثير في تفسيرها:
(٣٤)
مفاتيح البحث: السجود (3)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست