التنديد بمن عدد التوحيد - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٣٢
مناديان فظهر من هذا البيت أن الدعاء عند العرب يأتي بمعنى النداء.
وأما في القرآن فمنه قوله تعالى: * (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) * النور: 63، أي لا تجعلوا نداءه بينكم كما ينادي بعضكم بعضا، باسمه الذي سماه به أبوه، فلا تقولوا يا محمد ولكن قولوا يا نبي الله، ويا رسول الله، مع التوقير والتعظيم والصوت المخفوض لقوله تعالى: * (ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) * الحجرات: 2.
ويأتي الدعاء بمعنى العبادة وهو موجود في كلام العرب وفي القرآن الذي نزل بلغتهم الفصيحة، ومنه قوله تعالى: * (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير) * فاطر: 13، أي والذين تعبدون من دونه، وكقوله تعالى أيضا: * (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك) * يونس: 106، أي ولا تعبد من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك.
وللدعاء معنى آخر أيضا وهو الاستعانة نحو قوله تعالى: * (وادعوا شهداءكم) * البقرة: 23، ومن معانيه أيضا السؤال كقوله تعالى: * (أدعوني أستجب لكم) * غافر: 60، ومن معانيه أيضا الثناء كقوله تعالى: * (ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) * الإسراء: 110، ومن معانيه أيضا التسمية كقوله تعالى: * (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) * الأعراف: 180، أي سموه بها، إلى غير ذلك من المعاني.
فاتضح أن مجرد النداء أو الاستغاثة أو الاستعانة أو الخوف أو الرجاء أو التوسل أو التذلل لا يسمى عبادة، فقد يتذلل الولد لأبيه والجندي لقائده ويخافه ويرجو منه أشياء فلا يسمى ذلك عبادة له باتفاق العقلاء، وليس مجرد
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست