التنديد بمن عدد التوحيد - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٥٠
عن الله تعالى في (لسان الميزان) (5 / 114) يكون كافرا على قاعدة ابن تيمية هذه!! ومعاذ الله، والمسلمون قبل ابن تيمية بقرون اتفقوا على تنزيه الله تعالى عن الحد ونقل ذلك الاتفاق جماعة من الأئمة والعلماء، قال الإمام الأستاذ أبو منصور البغدادي الذي يعول على كلامه الحافظ ابن حجر وأمثاله من العلماء في كتابه (الفرق بين الفرق) (ص 332 بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد) ما نصه:
(وقالوا - أي أهل السنة مجمعين - بنفي النهاية والحد عن صانع العالم..) ا ه‍.
فمما قدمته ووضحته ودللت عليه يتضح ما هو توحيد الأسماء والصفات عند من يدعو إليه، وأن ذلك مجرد الدعوة إلى تجسيم الله تعالى وتشبيهه بخلقه ووصفه بما لم يصف به نفسه، أو إطلاق بعض الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة والتي لم يقصد منها أنها صفات على الله وحملها على أنها صفات حقيقية لله تعالى، وإشاعة أن التأويل بدعة مذمومة وأن الأشاعرة وغيرهم فرق ضالة لأنهم عطلوا صفات الله تعالى بزعمهم، وكل ذلك باطل لا أصل له.
وتتميما للبحث لا بد من أن نتكلم عن أصل أكبر فرقة قديمة من فرق المجسمة هي الكرامية وبيان بعض آرائها في الصفات التي توافق ما يدعو إليه ابن تيمية وأتباعه، وخصوصا أن ابن تيمية يثني عليها في منهاج السنة (1 / 181) ويعتبرها من أكابر نظار المسلمين (21)، ثم نعرض نماذج من كتاب (شرح

(21) لا يقال عن شخص من نظار المسلمين إلا إذا كان صحيح العقيدة مستقيما غير مطعون فيه، فإذا كان كذلك وكان مبرزا في التأليف والتصنيف قوي الحجة شجى في حلوق أعداء الإسلام والفرق الإسلامية الضالة فيقال عنه حينئذ إنه من نظار المسلمين، وأجلب لك على هذا مثال واضح محسوس:
ذكر الحافظ الذهبي في ترجمة أبو محمد بن كلاب في (سير أعلام النبلاء) (11 / 175) ما نصه: (وقال بعض من لا يعلم: إنه ابتدع ما ابتدعه ليدس دين النصارى في ملتنا وإنه أرضى أخته بذلك، وهذا باطل، والرجل أقرب المتكلمين إلى السنة، بل هو في مناظريهم) ا ه‍.
وقال المعلق على كلام الذهبي هذا في (سير أعلام النبلاء) (11 / 175): (كان إمام أهل السنة في عصره، وإليه مرجعها، وقد وصفه إمام الحرمين ت 478 ه‍ في كتابه (الإرشاد) ص (119): بأنه من أصحابنا. وقال السبكي في (طبقاته):
أحد أئمة المتكلمين. وابن تيمية يمدحه في غير ما موضع في كتابه (منهاج السنة) وفي مجموعة رسائله ومسائله، ويعده من حذاق المثبتة وأئمتهم، ويرى أنه شارك الإمام أحمد وغيره من أئمة السلف في الرد على مقالات الجهمية، وحين تكلم أبو الحسن الأشعري في كتابه (مقالات الإسلاميين) 1 / 189، 299 عن أصحابه، ذكر أنهم يقولون بأكثر مما ذكرناه عن أهل السنة) ا ه‍ كلام المعلق.
قلت: بل ذكر الحافظ أن الإمام البخاري كان على مذهبه في علم الكلام حيث قال في الفتح (1 / 423): (مع أن البخاري في جميع ما يورده من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل ذلك الفن كأبي عبيد والنضر بن شميل والفراء وغيرهم، وأما المباحث الفقهية فغالبها مستمدة له من الشافعي وأبي عبيد وأمثالهما، وأما المسائل الكلامية فأكثرها من الكرابيسي وابن كلاب ونحوهما) ا ه‍.
ولنعد إلى ما بدأنا به ولنتذكر أن النظار أو نظار المسلمين هم أكابر العلماء المتخصصين في الرد على المبتدعة، وهم: أهل التأمل وتقليب البصر والبصيرة وأهل التفحص في مسائل العلم، وابن تيمية الحراني يعطي هذا اللقب للكرامية الجهلاء الذين أجمعت الأمة على كفرهم كما نص على ذلك الإمام البغدادي في كتابه (الفرق) (ص 215 بتحقيق محمد محي الدين) فيقول ابن تيمية في (منهاج سنته) (1 / 181).
(كما قال ذلك من قال من الكرامية وغيرهم من نظار المسلمين) ا ه‍.
فكأنه يقول: كما قال ذلك من قال من الشافعية وغيرهم من فقهاء المسلمين، فتأمل!! وهل يعتبر من نظار المسلمين من يقول: بأن الله له حد وأنه جسم جالس على العرش مماس له وأن الحوادث تقوم بذاته؟ فتدبروا يا أولي الأبصار!
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست