قول بألسنتهم وليس ذلك في قلوبهم، لأنهم ما كانوا يقرون بوجود الخالق خلافا لمن زعم أنهم كانوا موحدين توحيد ربوبية، وخلافا لمن زعم أن الرسل لم يبعثوا إلا لتوحيد الألوهية، وهو إفراد الله بالعبادة وأن توحيد الربوبية يعرفه المشركون والمسلمون مستدلا بقوله تعالى: * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) * لقمان: 25، فهذا الزعم لا شك أنه باطل لأن هذا الزاعم لبس على البسطاء معنى الآية أو لم يفهمها هو!! وقد بينا معناها،: أنهم أقروا بألسنتهم فقط، لذلك قال الله تعالى: * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون) * العنكبوت: 61، معناه كما قال القرطبي في التفسير (13 / 161):
(أي كيف يكفرون بتوحيدي وينقلبون عن عبادتي، معناه: أنهم يقولون ذلك بألسنتهم فقط عند إقامة الحجج عليهم وهم في الحقيقة لا يقولون بذلك).
وأيضا قال الله تعالى: * (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها) * العنكبوت: 63، قال الإمام القرطبي: أي جدبها وقحط أهلها * (ليقولن الله) * أي فإذا أقررتم بذلك فلم تشركون به وتنكرون الإعادة * (قل الحمد لله) * أي على ما أوضح من الحجج والبراهين على قدرته * (بل أكثرهم لا يعقلون) * انتهى من القرطبي.
فإذا تنبهت لمعنى هذه الآيات وأمثالها عرفت بأنها ليست دليلا على أنهم كانوا يقرون بتوحيد الربوبية كما يتوهم بعض الناس، لأن القرآن وواقع هؤلاء الكفار يبين أنهم كانوا ينكرون الخالق وينكرون السجود له، كما سيأتي الآن إن شاء الله تعالى في ذكر الآيات الموضحة لذلك، وكانوا ينكرون البعث